Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 12-15)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا } فيه ثلاثة أقاويل : أحدهما : أنه أُهْبِط من السماء لأنه كان فيها ، قاله الحسن . والثاني : من الجنة . والثالث : أنه أهبط من المنزلة الرفيعة التي استحقها بطاعة الله إلى المنزلة الدَّنِيَّةِ التي استوجبها لمعصيته ، قاله ابن بحر . { فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا } وليس لأحد من المخلوقين أن يتكبر فيها ولا في غيرها ، وإنما المعنى : فما لمن يتكبر أن يكون فيها وإنما المتكبر في غيرها . وفي التكبر وجهان : أحدهما : تكبر عن الله أن يمتثل له . والثاني : تكبر عن آدم أن يسجد له . { فَاخْرُجْ } فيها قولان : أحدهما : من المكان الذي كان فيه من السماء أو الجنة . والثاني : من جملة الملائكة الذين كان منهم أو معهم . { إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ } فيه وجهان : أحدهما : بالمعصية في الدنيا لأن العاصي ذليل عند من عصاه . والثاني : بالعذاب في الآخرة لأن المعذب ذليل بالعذاب . وفي هذا القول من الله تعالى لإبليس وجهان : أحدهما : أنه قال ذلك على لسان بعض الملائكة . والثاني : أنه أراه معجزة تدله على ذلك . قوله عز وجل : { قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } فيه قولان : أحدهما : أنه سأله الإنظار بالعقوبة إلى البعث وهو يوم القيامة . والثاني : أنه سأله الإنظار بالحياة إلى يوم يبعثون وهو يوم القيامة لئلا يذوق الموت ، فَأُجِيْبَ بالإنظار إلى يوم الوقت المعلوم وهي النفخة الأولى ليذوق الموت بين النفختين وهو أربعون سنة ، قاله الكلبي . فإن قيل : فكيف قدر الله مدة أجله وفي ذلك إغواؤه بفعل المعاصي تعويلاً على التوبة في آخر الأجل ؟ قيل : قد علم الله من حاله أنه لا يتوب من معصيته بما أوجبه من لعنته بقوله تعالى : { وَأَنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَومِ الدَّينِ } فجاز مع علمه بهذه أن يقدر له مدة أجله ولو كان كغيره ما قدرت له مدة أجله . فإن قيل : كيف أقدم إبليس على هذا السؤال مع معصيته ؟ قيل : كما ينبسط الجاهل في سؤال ما لا يستحقه . فإن قيل : فكيف أجاب الله سؤاله مع معصيته ؟ قيل : في إجابته دعاء أهل المعاصي قولان : أحدهما : لا تصح إجابتهم لأن إجابة الدعاء تكرمة للداعي وأهل المعاصي لا يستحقون الكرامة ، فعلى هذا إنما أنظره الله تعالى وإن كان عقيب سؤاله ابتداء منه لا إجابه له . والثاني : أنه قد يجوز أن تجاب دعوة أهل المعاصي على وجه البلوى وتأكيد الحجة ، فتكون إجابة المطيعين تكرمة ، وإجابة العصاة بلوى . فإن قيل : فهل ينظر غير إبليس إلىالوقت الذي سأل وقد قال من المنظرين ؟ قيل : نعم وهو من لم يقض الله تعالى عليه الموت من عباده الذين تقوم عليهم الساعة .