Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 16-17)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } اختلف أهل العربية في معنى قوله : { فبما أغويتني } على قولين : أحدهما : أنه على معنى القسم وتقديره : فبإغوائك لي لأقعدن لهم صراطك المستقيم . والثاني : أنه على معنى المجازاة ، تقديره : فلأنك أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم . واختلف أهل العلم في قوله : { أَغْوَيْتَنِي } على أربعة أقاويل : أحدها : معناه أضللتني ، قاله ابن عباس وابن زيد . والثاني : معناه خيبتني من جنتك ، ومنه قول الشاعر : @ فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره ومن يغو لا يعدم على الغي لائماً @@ أي ومن يخب . والثالث : معناه عذبتني كقوله تعالى : { فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَياً } [ مريم : 59 ] أي عذاباً ، قاله الحسن . والرابع : معناه أهلكتني بلعنك لي ، يقال غوى الفصيل إذا أشفى على الهلاك بفقد اللبن ، قال الشاعر : @ معطفة الأثناء ليس فصيلها برازئها دراً ولا ميِّت غوى @@ وقوله : { لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } أي على صراطك المستقيم ، وفيه تأويلان : أحدهما : طريق مكة ليصد عن قصدها في الحج والعمرة ، قاله ابن مسعود . والثاني : طريق الحق ليصد عنها بالإغواء ، قاله مجاهد . قوله عز وجل : { ثُمَّ لأَتِيَنَّهُم مِّنَ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ … } الآية . فيه أربعة تأويلات : أحدها : { مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } أي أشككهم في آخرتهم ، { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } أرغبهم في دنياهم ، { وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ } : أي من قبل حسناتهم ، { وَعَن شَمَآئِلِهِم } من قبل سيئاتهم ، قاله ابن عباس . والثاني : { مِنّ بَيْنِ أيْدِيهِمْ } : من قبل ، دنياهم ، { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } : من قبل آخرتهم ، { وَعَنْ أَيْمَأنِهِمْ } : الحق أشككهم فيه ، { وَعَن شَمَآئِلِهِم } : الباطل أرغبهم فيه ، قاله السدي وإبراهيم . والثالث : { مِنّ بَيْنِ أَيْدِيهِم } { وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ } من حيث ينظرون ، { وَمِنْ خَلْفِهِم } { وَعَنْ شَمَائِلِهِم } : من حيث لا يبصرون ، قاله مجاهد . والرابع : أراد من كل الجهات التي يمكن الاحتيال عليهم منها ، ولم يذكر من فوقهم لأن رحمة الله تصده ، ولا من تحت أرجلهم لما فيه التنفير ، قاله بعض المتأخرين . ويحتمل تأويلاً خامساً : { مِّنْ بَيْنِ أَيْدِيهِم } : فيما بقي من أعمارهم فلا يقدمون على طاعة ، { وَمِنْ خَلْفِهِم } : فيما مضى من أعمارهم فلا يتوبون عن معصية ، { وَعَنْ أَيْمَانِهِم } : من قبل غناهم فلا ينفقونه في مشكور ، { وَعَن شَمَائِلِهِمِ } : من قبل فقرهم فلا يمتنعون فيه عن محظور . ويحتمل سادساً : { مِّنْ بَيْنِ أَيْدِيهِم } : بسط أملهم ، { وَمِنْ خَلْفِهِم } تحكيم جهلهم ، { وعن أيمانهم } : فيما ييسر لهم ، { وَعَن شَمَائِلِهِم } : فيما تعسر عليهم ، ثم قال : { وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } يحتمل وجهين : أحدهما : شاكرين لنعمك . والثاني : مقيمين على طاعتك . فإن قيل : فكيف علم إبليس ذلك ؟ فعنه جوابان : أحدهما : أنه ظن ذلك فصدق ظنه ، كما قال تعالى : { وَلَقَدْ صَدَقَ عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنَّهُ } [ سبأ : 20 ] وسبب ظنه أنَّه لما أغوى آدم واستزله قال : ذرية هذا أضعف منه ، قاله الحسن . والثاني : أنه يجوز أن يكون علم ذلك من جهة الملائكة بخبر من الله .