Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 88-89)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إنْ عُدنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إذْ نَجّانَا اللَّهُ مِنْهَا } والفرق بين الملة والدين أن الملة ما شرعه الله ، والدين ما اعتقده الناس تقرباً إلى الله ، فصار كل دين ملة وليس كل ملة ديناً . فإن قيل : فالعود إلى الشيء الرجوع إليه بعد الخروج منه فهل كان شعيب على ملة قومه من الكفر حتى يقول : { إنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم } . في الجواب عنه ثلاثة أوجه : أحدها : أن هذه حكاية عمن اتبع شعيباً من قومه الذين كانوا قبل اتباعه على ملة الكفر . الثاني : أنه قال ذلك على التوهم أنه لو كان عليها لم يعد إليها . والثالث : أنه يطلق ذكر العَود على المبتدىء بالفعل وإن لم يسبق منه فعل مثله سن قولهم : قد عاد عليّ من فلان مكروه وإن لم يسبقه بمثله كقول الشاعر : @ لَئِن كَانَت الأَيَّامُ أَحْسَنَّ مَرَّةً إِلَيَّ فَقَدْ عَادَتْ لَهُنَّ ذُنُوبُ أَتَى دَونَ حُلْوِ الْعَيْشِ شَيْءٌ أُمِرُّهُ كُرُوبٌ عَلَى آثَارِهِنّ كُرُوبُ @@ ثم قال : { وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا } فيه قولان : أحدهما : أن نعود في القرية إلاّ أن يشاء الله ، قاله بعض المتكلمين . والثاني : وهو قول الجمهور أن نعود في ملة الكفر وعبادة الأوثان . فإن قيل فالله تعالى لا يشاء عبادة الأوثان فما وجه هذا القول من شعيب ؟ فالجواب عنه من ثلاثة أوجه : أحدها : أنه قد كان في ملتهم ما يجوز التعبد به . والثاني : أنه لو شاء عبادة الوثن لكانت عبادته طاعة لأنه شاءه كتعبده بتعظيم الحجر الأسود . والثالث : أن هذا القول من شعيب علىالتعبيد والامتناع كقوله تعالى : { حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخِيَاطِ } [ الأعراف : 40 ] وكقولهم : حتى يشيب الغراب . ثم قال : { رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَومِنَا بِالْحَقِّ وََأَنتَ خَيرُ الْفَاتِحِينَ } فيه وجهان : أحدهما : اكشف بيننا وبين قومنا ، قاله قتادة . والثاني : احكم بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الحاكمين . وذكر الفراء ، أن أهل عُمان يسمون القاضي الفاتح والفتاح . وقال غيره : إنه لغة مراد ، قال الشاعر : @ أَلاَ أَبْلِغْ بَنِي عُصَمَ رَسُولاً بِأَنِّي عَنْ فَتَّاحِكُمُ غَنِي @@ وقد قال ابن عباس : كنت لا أدري ما قوله : { رَبَّنَا افتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الفَاتِحِينَ } حتى سمعت بنت ذي يزن تقول : تعالَيْ أفاتحك ، يعني أقاضيك . وقيل : إنه سمي بذلك لأنه يفتح باب العلم الذي قد انغلق على غيره . فإن قيل : فما معنى قوله { بِالْحَقِّ } ومعلوم أن الله لا يحكم إلا بالحق ؟ . ففي الجواب عنه أربعة أوجه : أحدها : أنه قال ذلك صفة لحكمه لا طلباً له . والثاني : أنه سأل الله أن يكشف لمخالفه من قومه أنه على حق . والثالث : أن معناه احكم بيننا الذي هو الحق ، قاله ابن بحر . والرابع : احكم في الدنيا بنصر الحق ، قاله السدي .