Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 71, Ayat: 21-24)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قال نوحٌ ربِّ إنهم عَصَوْني } قال أهل التفسير : لبث فيهم ما أخبر الله به ألف سنة إلا خمسين عاماً داعياً لهم ، وهم على كفرهم وعصيانهم ، قال ابن عباس : رجا نوح الأبناء بعد الآباء ، فيأتي بهم الولد بعد الولد حتى بلغوا سبعة قرون ، ثم دعا عليهم بعد الإياس منهم ، وعاش بعد الطوفان ستين سنة ، حتى كثر الناس وفشوا . قال الحسن : كان قوم نوح يزرعون في الشهر مرتين . { واتّبَعوا مَنْ لم يَزِدْه مالُه ووَلدُه إلاّ خَساراً } قرىء ولده بفتح الواو وضمها ، وفيهما قولان : أحدهما : أن الولد بالضم الجماعة من الأولاد ، والولد بالفتح واحد منهم ، قاله الأعمش ، قال الربيع بن زياد : @ وإن تكَ حَرْبُكم أمست عواناً فإني لم أكُنْ مّمن جَناها ولكن وُلْدُ سَوْدةَ أرَّثوها وحَشّوا نارها لمن اصطلاها @@ { ومَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً } أي عظيماً ، والكبّار أشد مبالغة من كبير . وفيه وجهان ، أحدهما : ما جعلوه للَّه من الصاحبة والولد ، قاله الكلبي . الثاني : هو قول كبرائهم لأتباعهم : { وقالوا لا تَذَرُنَّ آلِهتكم ولا تَذَرُنَّ وَدّاً ولا سُواعاً } الآية ، قاله مقاتل . وفي هذه الأصنام قولان : أحدهما : أنها كانت للعرب لم يعبدها غيرهم ويكون معنى الكلام : كما قال قوم نوح لأتباعهم لا تذرن آلهتكم ، قالت العرب مثلهم لأولادهم وقومهم لا تذرنّ وداً ولا سُواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً ، ثم عاد الذكر بعد ذلك إلى قوم نوح . واختلف في هذه الأسماء ، فقال عروة بن الزبير : اشتكى آدم وعنده بنوه ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ، وكان ود أكبرهم وأبرهم به ، وقال غيره : إن هذه الأسماء كانت لرجال قبل قوم نوح ، فماتوا فحزن عليهم أبناؤهم حزناً شديداً ، فزين لهم الشيطان أن يصورهم لينظروا إليهم ففعلوا ، ثم عبدها أبناؤهم من بعدهم . وقال محمد بن كعب : كانوا قوماً صالحين بين آدم ونوح فحدث بعدهم من أخذ في العبادة مأخذهم ، فزين لهم إبليس أن يتصوروا صورهم ليتذكروا بها اجتهادهم ، ثم عبدها من بعدهم قوم نوح ، ثم انتقلت بعدهم إلى العرب فعبدها ولد إسماعيل . فأما ود فهو أول صنم معبود ، سمي بذلك لودهم له ، وكان بعد قوم نوح لكلب بدومة الجندل من قول ابن عباس وعطاء ومقاتل ، وفيه يقول شاعرهم : @ حيّاك ودٌّ فإنا لا يحل لنا لهْوُ النساءِ وإنّ الدينَ قد عزمَا . @@ وأما سواع فكان لهذيل بساحل البحر ، في قولهم ، وأما يغوث فكان لغطيف من مراد بالجوف من سبأ ، في قول قتادة ، وقال مقاتل : حي من نجران . قال أبو عثمان النهدي : رأيت يغوث وكان من رصاص وكانوا يحملونه على جمل أجرد ، ويسيرون معه لا يهيجونه ، حتى يكون هو الذي يبرك فإذا برك نزلوا وقالوا : قد رضي لكم المنزل ، فيضربون عليه بناء وينزلون حوله . وأما يعوق فكان لهمدان ببلخع ، في قول قتادة وعكرمة وعطاء . وأما نسر فكان لذي الكلاع من حمير في قول عطاء ونحوه عن مقاتل . { وقد أَضَلّوُا كثيراً } فيه وجهان : أحدهما : يريد أن هذه الأصنام قد ضل بها كثير من قومه . الثاني : أن أكابر قومه قد أضلوا كثيراً من أصاغرهم وأتباعهم . { ولا تَزِدِ الظّالمينّ إلاَّ ضَلالاً } فيه وجهان : أحدهما : إلا عذاباً ، قاله ابن بحر واستشهد بقوله تعالى : { إن المجرمين في ضَلالٍ وسُعُرٍ } [ القمر : 47 ] . الثاني : إلا فتنة بالمال والولد ، وهو محتمل .