Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 71, Ayat: 5-20)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قال رَبِّ إنّي دَعَوْتُ قَوْمي ليلاً ونهاراً } فيه وجهان : أحدهما : دعوتهم ليعبدوك ليلاً ونهاراً . الثاني : دعوتهم ليلاً ونهاراً إلى عبادتك . { فلم يَزدْهم دُعائي إلاّ فِراراً } يحتمل وجهين : أحدهما : إلا فراراً من طاعتك . الثاني : فراراً من إجابتي إلى عبادتك . قال قتادة : بلغنى أنه كان يذهب الرجل بابنه إلى نوح ، فيقول لابنه : احذر هذا لا يغرنك فإن أبي قد ذهب بي غليه وأنا مثلك ، فحذرني كما حذرتك . { وإنِّي كلما دَعَوْتُهم لِتَغَفِرَ لهم } يعني كلما دعوتهم إلى الإيمان لتغفر لهم ما تقدم من الشرك . { جعلوا أصابعهم في آذانهم } لئلا يسمعوا دعاءه ليؤيسوه من إجابة ما لم يسمعوه ، قال محمد بن إسحاق : كان حليماً صبوراً . { واستغْشَوا ثيابَهم } أي عطوا رؤسهم وتنكروا لئلا يعرفهم . { وأَصَرُّوا } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : أنه إقامتهم على الكفر ، قال قتادة : قدماً قدماً في معاصي اللَّه لالتهائهم عن مخافة اللَّه حتى جاءهم أمر اللَّه . الثاني : الإصرار : أن يأتي الذنب عمداً ، قاله الحسن . الثالث : معناه أنهم سكتوا على ذنوبهم فلم يستغفروا قاله السدي . { واستكْبَروا استكباراً } فيه وجهان : أحدهما : أن ذلك كفرهم باللَّه وتكذيبهم لنوح ، قاله الضحاك . الثاني : أن ذلك تركهم التوبة ، قاله ابن عباس ، وقوله " استبكارا " تفخيم . { ثم إنّي دَعْوتُهم جِهاراً } أي مجاهرة يرى بعضهم بعضاً . { ثم إني أعْلَنْتُ لهم } يعني الدعاء ، قال مجاهد : معناه صِحْتُ . { وأسَرَرْتُ لهم إسْراراً } الدعاء عن بعضهم من بعض ، وفيه وجهان : أحدهما : أنه دعاهم في وقت سراً ، وفي وقت جهراً . الثاني : دعا بعضهم سراً وبعضهم جهراً ، وكل هذا من نوح مبالغة في الدعاء وتلطفاً في الاستدعاء . { فقلتُ استغْفِروا ربّكم إنّه كان غَفّاراً } وهذا فيه ترغيب في التوبة ، وقد روى حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الاستغفار ممحاة للذنوب " . وقال : الفضيل : يقول العبد استغفر اللَّه ، قال : وتفسيرها أقلني . { يُرْسِلِ السماءَ عليكم مِدْراراً } يعني غيثاً متتابعاً ، وقيل إنهم كانوا قد أجدبوا أربعين سنة ، حتى أذهب الجدب أموالهم وانقطع الولد عن نسائهم ، فقال ترغيباً في الإيمان . { ويُمْدِدْكم بأموالٍ وبنينَ ويَجْعَل لكم جَنّاتٍ ويَجْعَل لكم أنهاراً } قال قتادة : علم نبي اللَّه نوح أنهم أهل حرص على الدنيا ، فقال هلموا إلى طاعة اللَّه فإن من طاعته درك الدنيا والآخرة . { ما لكم لا ترجون للَّه وقاراً } فيه خمسة تأويلات : أحدها : ما لكم لا تعرفون للَّه عظمة ، قاله مجاهد ، وعكرمة . الثاني : لا تخشون للَّه عقاباً وترجون منه ثواباً ، قاله ابن عباس في رواية ابن جبير . الثالث : لا تعرفون للَّه حقه ولا تشكرون له نعمه ، قاله الحسن . الرابع : لا تؤدون للَّه طاعة ، قاله ابن زيد . الخامس : أن الوقار الثبات ، ومنه قوله تعالى : { وقرن في بيوتكن } [ الأحزاب : 33 ] أي اثبتن ، ومعناه لا تثبتون وحدانية اللَّه وأنه إلهكم الذي لا إله لكم سواه ، قال ابن بحر : دلهم على ذلك فقال : { وقد خلقكم أطواراً } في وجهان : أحدهما : يعني طوراً نطفة ، ثم طوراً علقة ، ثم طوراً مضغة ، ثم طوراً عظماً ، ثم كسونا العظام لحماً ، ثم أنشأناه خلقاً آخر أنبتنا له الشعر وكملت له الصورة ، قاله قتادة . الثاني : أن الأطوار اختلافهم في الطول والقصر ، والقوة والضعف والهم والتصرف ، والغنى والفقر . ويحتمل ثالثاً : أن الأطوار اختلافهم في الأخلاق والأفعال . { ألمْ تَروْا كيف خَلَق اللَّهُ سَبْعَ سمواتٍ طِباقاً } فيها قولان : أحدهما : أنهن سبع سموات على سبع أرضين ، بين كل سماء وأرض خلق ، وهذا قول الحسن . والثاني : أنهن سبع سموات طباقاً بعضهن فوق بعض ، كالقباب ، وهذا قول السدي . { وجَعَل القَمَرَ فيهنّ نُوراً } فيه قولان : أحدهما : معناه وجعل القمر فيهن نوراً لأهل الأرض ، قاله السدي . الثاني : أنه جعل القمر فيهن نوراً لأهل السماء والأرض ، قاله عطاء . وقال ابن عباس : وجهه يضيء لأهل الأرض ، وظهره يضيء لأهل السماء . { وجَعَل الشّمْسَ سِراجاً } يعني مصباحاً لأهل الأرض ، وفي إضافته لأهل السماء القولان الأولان . { واللَّه أَنْبَتكُم مِنَ الأرضِ نَباتاً } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : يعني آدم خلقه من أديم الأرض كلها ، قاله ابن جريج ، وقال خالد بن معدان : خلق الإنسان من طين ، فإنما تلين القلوب في الشتاء . الثاني : أنبتهم من الأرض بالكبر بعد الصغر ، وبالطول بعد القصر ، قاله ابن بحر . الثالث : أن جميع الخلق أنشأهم باغتذاء ما تنبته الأرض وبما فيها ، وهو محتمل . { ثم يُعيدُكم فيها } يعني أمواتاً في القبور . { ويُخْرِجُكم إخراجاً } لنشور بالبعث . { واللَّهُ جَعَل لكم الأرضَ بِساطاً } أي مبسوطة ، وفيه دليل على أنها مبسوطة . { لِتَسْلُكوا منها سُبُلاً فجاجاً } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : طرقاً مختلفة ، قاله ابن عباس . الثاني : طرقاً واسعة ، قاله ابن كامل . الثالث : طرقاًً أعلاماً ، قاله قتادة .