Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 72, Ayat: 18-24)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وأنَّ المساجدَ للَّهِ } فيه أربعة أقاويل : أحدها : يعني الصلوات للَّه ، قاله ابن شجرة . الثاني : أنها الأعضاء التي يسجد عليها للَّه ، قاله الربيع . الثالث : أنها المساجد التي هي بيوت اللَّه للصلوات ، قاله ابن عباس . الرابع : أنه كل موضع صلى فيه الإنسان ، فإنه لأجل السجود فيه يسمى مسجداً . { فلا تَدْعُوا مع اللَّهِ أحَداً } أي فلا تعبدوا معه غيره ، وفي سببه ثلاثة أقاويل : أحدها : ما حكاه الأعمش أن الجن قالت : يا رسول الله ائذن لنا نشهد معك الصلاة في مسجدك ، فنزلت هذه الآية . الثاني : ما حكاه أبو جعفر محمد بن علّي أن الحمس من مشركي أهل مكة وهم كنانة وعامر وقريش كانوا يُلبّون حول البيت : لبيّك اللهم لبيّك ، لبيّك لا شريك لك ، إلا شريكاً هو لك ، تملكه وما ملك ، فأنزل اللَّه هذه الآية نهياً أن يجعل للَّه شريكاً ، وروى الضحاك عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل المسجد قدّم رجله اليمنى وقال : " وأن المساجد للَّه فلا تدعوا مع اللَّه أحداً " اللهم أنا عبدك وزائرك ، وعلى كل مزور حق وأنت خير مزور فأسألك برحمتك أن تفك رقبتي من النار " وإذا خرج من المسجد قدم رجله اليسرى وقال : " اللهم صُبَّ الخير صبّاً ولا تنزع عني صالح ما أعطيتني أبداً ولا تجعل معيشتي كدّاً واجعل لي في الخير جداً " . { وأنه لما قام عبدُ اللَّهِ يدعوه } يعني محمداً ، وفيه وجهان : أحدهما : أنه قام إلى الصلاة يدعو ربه فيها ، وقام أصحابه خلفه مؤتمين ، فعجبت الجن من طواعية أصحابه له ، قاله ابن عباس . الثاني : أنه قام إلى اليهود داعياً لهم إلى اللَّه ، رواه ابن جريج . { كادوا يكونون عليه لِبَداً } فيه وجهان : أحدهما : يعني أعواناً ، قاله ابن عباس . الثاني : جماعات بعضها فوق بعض ، وهو معنى قول مجاهد ، ومنه اللبد لاجتماع الصوف بعضه على بعض ، وقال ذو الرمة : @ ومنهلٍ آجنٍ قفرٍ مواردهُ خُضْرٍ كواكبُه مِن عَرْمَصٍ لَبِدِ . @@ وفي كونهم عليه لبداً ثلاثة أوجه : أحدها : أنهم المسلمون في اجتماعهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ابن جبير . الثاني : أنهم الجن حين استمعوا من رسول اللَّه قراءته ، قاله الزبير بن العوام . الثالث : أنهم الجن والإنس في تعاونهم على رسول اللَّه في الشرك ، قاله قتادة . { قلْ إني لا أَمْلِكُ لكم ضَرّاً ولا رَشَداً } يعني ضراً لمن آمن ولا رشداً لمن كفر ، وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : عذاباً ولا نعيماً . الثاني : موتاً ولا حياة . الثالث : ضلالاً ولا هدى . { قل إني لن يُجيرَني مِنَ اللَّهِ أَحدٌ } روى أبو الجوزاء عن ابن مسعود قال : انطلقتُ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليلة الجن حتى أتى الحجون فخط خطاً ثم تقدم عليهم فازدحموا عليه ، فقال سيد لهم يقال له وردان : أنا أزجلهم عنك ، فقال : " إني لن يجيرني من اللَّه أحد " ويحتمل وجهين : أحدهما : لن يجيرني مع إجارة اللَّه لي أحد . الثاني : لن يجيرني مما قدره الله علي أحد . { ولن أجدَ مِن دُونهِ مَلْتَحداً } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : يعني ملجأ ولا حرزاً ، قاله قتادة . الثاني : ولياً ولا مولى ، رواه أبو سعيد . الثالث : مذهباً ولا مسلكاً ، حكاه ابن شَجرة ، ومنه قول الشاعر : @ يا لهفَ نفْسي ولهفي غيرُ مُجْديةٍ عني وما مِن قضاءِ اللَّهِ مُلْتَحَدُ . @@ { إلا بلاغاً مِن اللَّه ورسالاتِه } فيه وجهان : أحدهما : لا أملك ضراً ولا رشداً إلا أن أبلغكم رسالات اللَّه ، قاله الكلبي . الثاني : لن يجيرني من الله أحد إن لم أبلغ رسالات اللَّه ، قاله مقاتل . روى مكحول عن ابن مسعود : أن الجن بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة ، وكانوا سبعين ألفاً ، وفرغوا من بيعته عند انشقاق الفجر .