Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 73, Ayat: 1-9)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يا أيها المزمِّلُ } قال الأخفش : أصله المتزمل فأدغم التاء في الزاي ، وكذا المدثر . وفي أصل المزمل : قولان : أحدهما : المحتمل ، يقال زمل الشيء إذا حمله ، ومنه الزاملة التي تحمل القماش . الثاني : المزمل هو المتلفف ، قال امرؤ القيس : @ كأن ثبيراً في عرائين وبْله كبيرُ أناسٍ في بجادٍ مُزَمّلِ . @@ وفيه ثلاثة أقاويل : أحدها : يا أيها المزمل بالنبوة ، قاله عكرمة . الثاني : بالقرآن ، قاله ابن عباس . الثالث : بثيابه ، قاله قتادة . قال إبراهيم : نزلت عليه وهو في قطيفة . { قُمِ الليلَ إلا قليلاً } يعني صلِّ الليل إلا قليلاً ، وفيه وجهان : أحدهما : إلا قليلاً من أعداد الليالي لا تقمها . الثاني : إلا قليلاً من زمان كل ليلة لا تقمه وقد كان فرضاً عليه . وفي فرضه على مَنْ سواه من أُمّته قولان : أحدهما : فرض عليه دونهم لتوجه الخطاب إليه ، ويشبه أن يكون قول سعيد ابن جبير . الثاني : أنه فرض عيله وعليهم فقاموا حتى ورمت أقدامهم ، قاله ابن عباس وعائشة . وقال ابن عباس : كانوا يقومون نحو قيامه في شهر رمضان ثم نسخ فرض قيامه على الأمة ، واختلف بماذا نسخ عنهم على قولين : أحدهما : بالصلوات الخمس وهو قول عائشة . الثاني : بآخر السورة ، قاله ابن عباس . واختلفوا من مدة فرضه إلى أن نسخ على قولين : أحدهما : سنة ، قال ابن عباس : كان بين أول المزمل وآخرها سنة . الثاني : ستة عشر شهراً ، قالته عائشة ، فهذا حكم قيامه في فرضه ونسخه على الأمة . فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان فرضاً عليه ، وفي نسخه عنه قولان : أحدهما : المدة المفروضة على أمته في القولين الماضيين . الثاني : أنها عشر سنين إلى أن خفف عنها بالنسخ زيادة في التكليف لتميزه بفضل الرسالة ، قاله سعيد بن جبير . قوله " قم الليلَ إلاّ قليلاً " لأن قيام جميعه على الدوام غير ممكن فاستثنى منه القليل لراحة الجسد ، والقليل من الشيء ما دون النصف . حكي عن وهب بن منبه أنه قال : القليل ما دون المعشار والسدس . وقال الكلبي ومقاتل : القليل الثلث . وَحدُّ الليل ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر الثاني . ثم قال تعالى : { نِصْفَهُ أو انقُصْ مِنْهُ قليلاً } فكان ذلك تخفيفاً إذا لم يكن زمان القيام محدوداً ، فقام الناس حتى ورمت أقدامهم ، فروت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قام في الليل فقال : أيها الناس اكلفوا من الأعمال ما تطيقون ، فإن اللَّه لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل ، وخير الأعمال ما ديم عليه . ثم نسخ ذلك بقوله تعالى : " عَلِم أنْ لن تُحْصوه فتابَ عليكم فاقْرَؤوا ما تيسّر من القرآن " . { أوزِدْ عليه ورَتِّل القرآنَ تَرْتيلاً } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : بيّن القرآن تبياناً ، قاله ابن عباس وزيد بن أسلم . الثاني : فسّرْه تفسيراً ، قاله ابن جبير . الثالث : أن تقرأه على نظمه وتواليه ، لا تغير لفظاً ولا تقدم مؤخراً مأخوذ من ترتيل الأسنان إذا استوى نبتها وحسن انتظامها ، قاله ابن بحر . { إنّا سنُلْقي عليكَ قوْلاً ثَقيلاً } وهو القرآن ، وفي كونه ثقيلاً أربعة تأويلات : أحدها : أنه إذا أوحي إليه كان ثقيلاً عليه لا يقدر على الحركة حتى ينجلي عنه ، وهذا قول عائشة وعروة بن الزبير . الثاني : العمل به ثقيل في فروضه وأحكامه وحلاله وحرامه ، قاله الحسن وقتادة . الثالث : أنه في المزان يوم القيامة ثقيل ، قاله ابن زبير . الرابع : ثقل بمعنى كريم ، مأخوذ من قولهم : فلان ثقيل عليّ أي كريم عليّ ، قاله السدي . ويحتمل تأويلً خامساً : أن يكون ثقيل بمعنى ثابت ، لثبوت الثقيل في محله ، ويكون معناه أنه ثابت الإعجاز لا يزول إعجازه أبداً . { إنّ ناشئةَ الليل هي أَشدُّ وطْئاً } فيها ستة تأويلات : أحدها : أنه قيام الليل ، بالحبشية ، قاله ابن مسعود . الثاني : أنه ما بين المغرب والعشاء ، قاله أنس بن مالك . الثالث : ما بعد العشاء الآخرة ، قاله الحسن ومجاهد . الرابع : أنها ساعات الليل لأنها تنشأ ساعة بعد ساعة ، قاله ابن قتيبة . الخامس : أنه بدء الليل ، قاله عطاء وعكرمة . السادس : أن الليل كل ناشئة ، قال ابن عباس : لأنه ينشأ بعد النهار . وفي " أشد وطْئاً " خمسة تأويلات : أحدها : مواطأة قلبك وسمعك وبصرك ، قاله مجاهد . الثاني : مواطأة قولك لعملك ، وهو مأثور . الثالث : مواطأة عملك لفراغك ، وهو محتمل . الرابع : أشد نشاطاً ، قاله الكلبي ، لأنه زمان راحتك . الخامس : قاله عبادة : أشد وأثبت وأحفظ للقراءة . وفي قوله : { وأَقْوَمُ قِيلاً } ثلاثة تأويلات : أحدها : معناه أبلغ في الخير وأمعن في العدل ، قاله الحسن . الثاني : أصوب للقراءة وأثبت للقول لأنه زمان التفهم ، قاله مجاهد وقتادة ، وقرأ أنس بن مالك " وأهيأ قيلاً " وقال أهيأ وأقوم سواء . الثالث : أنه أعجل إجابة للدعاء ، حكاه ابن شجرة . { إن لك في النهارِ سَبْحاً طويلاً } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : يعني فراغاً طوياً لنَومك وراحتك ، فاجعل ناشئة الليل لعبادتك ، قاله ابن عباس وعطاء . الثاني : دعاء كثيراً ، قاله السدي وابن زيد والسبح بكلامهم هو الذهاب ، ومنه سبح السابح في الماء . { واذكر اسم ربك } فيه وجهان : أحدهما : اقصد بعملك وجه ربك . الثاني : أنه إذا أردت القراءة فابدأ بسم الله الرحمن الرحيم ، قاله ابن بحر . ويحتمل وجهاً ثالثاً : واذكر اسم ربك في وعده ووعيده لتتوفر على طاعته وتعدل عن معصيته . { وتَبتَّلْ إليه تَبْتِيلاً } فيه أربعة تأويلات : أحدها : أخلص إليه إخلاصاً ، قاله مجاهد . الثاني : تعبد له تعبداً ، قاله ابن زيد . الثالث : انقطع إليه انقطاعاً ، قاله أبو جعفر الطبري ، ومنه مريم البتول لانقطاعها إلى الله تعالى ، وجاء في الحديث النهي عن التبتل الذي هو الانقطاع عن الناس والجماعات . الرابع : وتضرّع إليه تضرّعاً . { ربُّ المشْرِقِ والمْغرِبِ } فيه قولان : أحدهما : رب العالَمِ بما فيه لأنهم بين المشرق والمغرب ، قاله ابن بحر . الثاني : يعني مشرق الشمس ومغربها . وفي المراد بالمشرق والمغرب ثلاثة أوجه : أحدها : أنه استواء الليل والنهار ، قاله وهب بن منبه . الثاني : أنه دجنة الليل ووجه النهار ، قاله عكرمة . الثالث : أنه أول النهار وآخره ، لأن نصف النهار أوله فأضيف إلى المشرق ، ونصفه آخره فأضيف إلى المغرب . { فاتّخِذْهُ وَكيلاً } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : مُعيناً . الثاني : كفيلاً . الثالث : حافظاً .