Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 75, Ayat: 26-40)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كلا إذا بَلَغَتِ التّراقِيَ } يعني بلوغ الروح عند موته إلى التراقي ، وهي أعلى الصدر ، واحدها ترقوه . { وقيلَ مَنْ راقٍ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : قال أَهْله : من راقٍ يرقيه بالرُّقى وأسماء الله الحسنى ، قاله ابن عباس . الثاني : مَنْ طبيبٌ شافٍ ، قاله أبو قلابة ، قال الشاعر : @ هل للفتى مِن بنات الدهرِ من واقى أم هل له من حمامِ الموتِ من راقي @@ الثالث : قال الملائكة : مَن راقٍ يرقى بروحه ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب ، رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس . { وظَنَّ أنّه الفِراق } أي تيقن أنه مفارق الدنيا . { والْتَفّتِ الساقُ بالساقِ } فيه أربعة أوجه : أحدها : اتصال الدنيا بالآخرة ، قاله ابن عباس . الثاني : الشدة بالشدة والبلاء بالبلاءِ ، وهو شدة كرب الموت بشدة هول المطلع ، قاله عكرمة ومجاهد ، ومنه قول حذيفة بن أنس الهذلي : @ أخو الحرب إن عضّت به الحربُ عضّها وإن شمّرتْ عن ساقها الحرب شمّرا . @@ الثالث : التفّت ساقاه عند الموت ، وحكى ابن قتيبة عن بعض المفسرين أن التفاف الساق بالساق عند الميثاق ، قال الحسن : ماتت رجلاه فلم تحملاه وقد كان عليهما جوّالاً . الرابع : أنه اجتمع أمران شديدان عليه : الناس يجهزون جسده ، والملائكة يجهزون روحه ، قاله ابن زيد . { إلى ربِّك يومئذٍ المساقُ } فيه وجهان : أحدهما : المنطلق ، قاله خارجة . الثاني : المستقر ، قاله مقاتل . { فلا صَدَّقَ ولا صَلَّى } هذا في أبي جهل ، وفيه وجهان : أحدهما : فلا صدّق بكتاب الله ولا صلّى للَّه ، قاله قتادة . الثاني : فلا صدّق بالرسالة ولا آمن بالمرسل ، وهو معنى قول الكلبي . ويحتمل ثالثاً : فلا آمن بقلبه ولا عمل ببدنه . { ولكن كَذَّبَ وتَوَلَّى } فيه وجهان : أحدهما : كذب الرسول وتولى عن المرسل . الثاني : كذب بالقرآن وتولى عن الطاعة . { ثم ذَهَبَ إلى أَهْلِه يَتَمَطَّى } يعني أبا جهل ، وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : يختال في نفسه ، قاله ابن عباس . الثاني : يتبختر في مشيته ، قال زيد بن أسلم وهي مشية بني مخزوم . الثالث : أن يلوي مطاه ، والمطا : الظهر ، وجاء النهي عن مشية المطيطاء وذلك أن الرجل يلقي يديه مع الكفين في مشيه . { أوْلَى لك فأوْلَى * ثم أوْلَى لك فأوْلَى } حكى الكلبي ومقاتل : أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي أبا جهل ببطحاء مكة وهو يتبختر في مشيته ، فدفع في صدره وهمزه بيده وقال : " أوْلى لك فأولى " فقال أبو جهل : إليك عني أوعدني يا ابن أبي كبشة ما تستطيع أنت ولا ربك الذي أرسلك شيئاً ، فنزلت هذه الآية . وفيه وجهان : أحدهما : وليك الشر ، قال قتادة ، وهذا وعيد على وعيد . الثاني : ويل لك ، قالت الخنساء : @ هَممْتُ بنفسي بعض الهموم فأوْلى لنَفْسيَ أوْلَى لها . سأحْمِلُ نَفْسي على آلةٍ فإمّا عليها وإمّا لها . @@ الآلة : الحالة ، والآلة : السرير أيضاً الذي يحمل عليه الموتى . { أيَحْسَبُ الإنسانُ أنْ يُتْرَك سُدىً } فيه أربعة أوجه : أحدها : فهل لا يفترض عليه عمل ، قاله ابن زيد . الثاني : يظن ألا يبعث ، قاله السدي . الثالث : ملغى لا يؤمر ولا ينهى ، قاله مجاهد . الرابع : عبث لا يحاسب ولا يعاقب ، قال الشاعر : @ فأُقسِم باللَّه جهدَ اليمين ما ترك اللَّه شيئاً سُدى @@ { ألمْ يكُ نُطْفةً مِنْ مَنيٍّ يُمْنَى } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أن معنى يُمنى يراق ، ولذلك سميت منى لإراقة الدماء فيها . الثاني : بمعنى ينشأ ويخلق ، ومنه قول يزيد بن عامر : @ فاسلك طريقك تمشي غير مختشعٍ حتى تلاقيَ ما يُمني لك الماني . @@ الثالث : أنه بمعنى يشترك أي اشتراك ماء الرجل بماء المرأة . { ثم كان عَلَقَةً } يعني أنه كان بعد النطفة علقة . { فخَلَقَ فسوَّى } يحتمل وجهين . أحدهما : خلق من الأرحام قبل الولادة وسوي بعدها عند استكمال القوة وتمام الحركة . الثاني : خلق الأجسام وسواها للأفعال ، فجعل لكل جارحة عملاً ، والله أعلم .