Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 79, Ayat: 1-14)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { والنَّأزِعاتِ غَرْقاً } فيه ستة أقاويل : أحدها : هي الملائكة تنزع نفوس بني آدم ، قاله ابن مسعود ومسروق . الثاني : هو الموت ينزع النفوس ، قاله مجاهد . الثالث : هي النفوس حين تنزع ، قاله السدي . الرابع : هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق ، ومن المشرق إلى المغرب ، قاله الحسن وقتادة . والخامس : هي القسيّ تنزع بالسهم ، قاله عطاء . السادس : هي الوحش تنزع من الكلأ وتنفر ، حكاه يحيى بن سلام ، ومعنى " غرقاً " أي إبعاداً في النزع . { والناشِطات نَشْطاً } فيه ستة تأويلات : أحدها : هي الملائكة تنشط أرواح المؤمنين بسرعة كنشط العقال ، قاله ابن عباس . الثاني : النجوم التي تنشط من مطالعها إلى مغاربها ، قاله قتادة . الثالث : هو الموت ينشط نفس الإنسان ، قاله مجاهد . الرابع : هي النفس حيث نشطت بالموت ، قاله السدي . الخامس : هي الأوهاق ، قاله عطاء . السادس : هي الوحش تنشط من بلد إلى بلد ، كما أن الهموم تنشط الإنسان من بلد إلى بلد ، قاله أبو عبيدة ، وانشد قول همام بن قحافة : @ أمْسَتْ همومي تنشط المناشِطا الشامَ بي طَوْراً وطَوْراً واسطاً . @@ { والسّابحاتِ سَبْحاً } فيه خمسة أوجه : أحدها : هي الملائكة سبحوا إلى طاعة الله من بني آدم ، قاله ابن مسعود والحسن . الثاني : هي النجوم تسبح في فلكها ، قاله قتادة . الثالث : هو الموت يسبح في نفس ابن آدم ، قاله مجاهد . الرابع : هي السفن تسبح في الماء ، قاله عطاء . الخامس : هي الخيل ، حكاه ابن شجرة ، كما قال عنترة : @ والخيلُ تعْلم حين تسـ ـبَحُ في حياضِ المْوتِ سَبْحاً @@ ويحتمل سادساً : أن تكون السابحات الخوض في أهوال القيامة . { فالسّابقاتِ سَبْقاً } فيه خمسة تأويلات : أحدها هي الملائكة تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء ، قاله عليّ رضي الله عنه ومسروق . وقال الحسن : سبقت إلى الايمان . الثاني : هي النجوم يسبق بعضها بعضاً ، قاله قتادة . الثالث : هوالموت يسبق إلى النفس ، قاله مجاهد . الرابع : هي النفس تسبق بالخروج عند الموت ، قاله الربيع . الخامس : هي الخيل ، قاله عطاء . ويحتمل سادساً : أن تكون السابقات ما سبق من الأرواح قبل الأجساد إلى جنة أو نار . { فالمُدَبِّرات أمْراً } فيهم قولان : أحدهما : هي الملائكة ، قاله الجمهور ، فعلى هذا في تدبيرها بالأمر وجهان : أحدهما : تدبير ما أمرت به وأرسلت فيه . الثاني : تدبير ما وكلت فيه من الرياح والأمطار . الثاني : هي الكواكب السبعة ، حكاه خالد بن معدان عن معاذ بن جبل ؛ وعلى هذا في تدبيرها للأمر وجهان . أحدهما : تدبير طلوعها وأفولها . الثاني : تدبير ما قضاه الله فيها من تقلب الأحوال . ومن أول السورة إلى هذا الموضع قسم أقسم الله به ، وفيه وجهان : أحدهما : أن ذكرها بخالقها . الثاني : أنه أقسم بها وإن كانت مخلوقة لا يجوز لمخلوق أن يقسم بها ، لأن لله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه . وجواب ما عقد له القسم ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه مضمر محذوف وتقديره لو أظْهر : لتُبْعَثُن ثم لُتحاسبُن ، فاستغنى بفحوى الكلام وفهم السامع عن إظهاره ، قاله الفراء . الثاني : أنه مظهر ، وهو قوله تعالى : { إن في ذلك لعبرةً لمن يخشى } قاله مقاتل . الثالث : هو قوله تعالى : { يومَ ترْجفُ الراجفةُ * تَتْبعُها الرادِفةُ } وفيهما ثلاثة أقاويل : أحدها : أن الراجفة القيامة ، والرادفة البعث ، قاله ابن عباس . الثاني : أن الراجفة النفخة الأولى تميت الأحياء ، والرادفة : النفخة الثانية تحيي الموتى ، قاله الحسن وقتادة . وقال قتادة : ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بينهما أربعون ، ما زادهم على ذلك ولا سألوه ، وكانوا يرون أنها أربعون سنة " . وقال عكرمة : الأولى من الدنيا ، والثانية من الآخرة . الثالث : أن الراجفة الزلزلة التي ترجف الأرض والجبال والرادفة إذا دكّتا دكة واحدة ، قاله مجاهد . ويحتمل رابعاً : أن الراجفة أشراط الساعة ، والرادفة : قيامها . { قلوبٌ يومئذٍ واجِفَةٌ } فيه وجهان : أحدهما : خائفة ، قاله ابن عباس . الثاني : طائرة عن أماكنها ، قاله الضحاك . { أَبْصارُها خاشِعَة } فيه وجهان : أحدهما : ذليلة ، قاله قتادة . الثاني : خاضعة ، قاله الضحاك . { يقولون أئنا لَمْردودُونَ في الحافِرةِ } فيه أربعة تأويلات : أحدها : أن الحافرة الحياة بعد الموت ، قاله ابن عباس والسدي وعطية . الثاني : أنها الأرض المحفورة ، قاله ابن عيسى . الثالث : أنها النار ، قاله ابن زيد . الرابع : أنها الرجوع إلى الحالة الأولى تَكذيباً بالبعث ، من قولهم رجع فلان على قومه إذا رجع من حيث جاء ، قاله قتادة ، قال الشاعر : @ أحافرة على صَلَعٍ وشيْبٍ معاذَ اللَّه من جَهْلٍ وطَيْشِ @@ { أَئِذا كْنَا عِظاماً نَخِرةً } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : بالية ، قاله السدي . الثاني : عفنة ، قاله ابن شجرة . الثالث : خالية مجوفة تدخلها الرياح فتنخر ، أي تصوّت ، قاله عطاء والكلبي . ومن قرأ " ناخرة " فإن الناخرة البالية ، والنخرة التي تنخر الريح فيها . { تلك إذاً كَرّةٌ خاسِرةٌ } فيه تأويلان : أحدهما : باطلة لا يجيء منها شيء ، كالخسران ، وليست كاسبة ، قاله يحيى بن سلام . الثاني : معناه لئن رجعنا أحياء بعد الموت لنخسرنّ بالنار ، قاله قتادة ومحمد بن كعب . ويحتمل ثالثاً : إذا كنا ننتقل من نعيم الدنيا إلى عذاب الآخرة فهي كرة خاسرة . { فإنّما هي زجْرةٌ واحدةٌ } فيه تأويلان : أحدهما : نفخة واحدة يحيا بها الجميع فإذا هم قيام ينظرون ، قاله الربيع بن أنس . الثاني : الزجرة الغضب ، وهو غضب واحد ، قاله الحسن . ويحتمل ثالثاً : أنه لأمر حتم لا رجعة فيه ولا مثنوية . { فَإذَا هم بالسّاهرةِ } فيه أربعة تأويلات : أحدها : وجه الأرض ، قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد ، والعرب تسمي وجه الأرض ساهرة لأن فيها نوم الحيوان وسهره ، قال أمية بن أبي الصلت : @ وفيها لحْمُ ساهرةٍ وبَحرٌ وما فاهوا به لهمُ مُقيم @@ وقال آخر يوم ذي قار لفرسه : @ أَقْدِمْ مَحاجِ إنها الأساوِره ولا يهولنّك رِجْلٌ بادِرهْ فإنما قَصْرُكَ تُرْبُ السّاهرهْ ثم تعودُ ، بَعْدها في الحافرهْ من بَعْد ما صِرْتَ عظاماً ناخِرهْ @@ الثاني : أنه اسم مكان من الأرض بعينه بالشام ، وهو الصقع الذي بين جبل أريحا وجبل حسّان ، يمده الله تعالى كيف يشاء ، قاله عثمان بن أبي العاتكة . الثالث : أنها جبل بيت المقدس ، قاله وهب بن منبه . الرابع : أنه جهنم ، قاله قتادة . ويحتمل خامساً : أنها عرضة القيام لأنها أول مواقف الجزاء ، وهم في سهر لا نوم فيه .