Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 84, Ayat: 1-15)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { إذا السماءُ انشَقّتْ } وهذا من أشراط الساعة ، قال عليّ رضي الله عنه : تنشق السماء من المجرة ، وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه محذوف الجواب وتقديره : إذا السماء انشقت رأى الإنسان ما قدّم من خير وشر . الثاني : أن جوابه { كادح إلى ربك كدحاً } . الثالث : معناه أذكر إذا السماء انشقت . { وأَذِنَتْ لِرّبها وحُقّتْ } معنى أذنت لربها أي سمعت لربها ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم ما أذن الله لشيء كإذانه لنبي يتغنى بالقرآن أي ما استمع الله لشيء ، وقال الشاعر : @ صُمٌّ إذا سَمِعوا خيْراً ذُكِرتُ به وإنْ ذُكِرْتُ بسُوءٍ عندهم أَذِنوا @@ أي سمعوا . { وحُقّتْ } فيه وجهان : أحدهما : أطاعت ، قاله الضحاك . الثاني : معناه حق لها أن تفعل ذلك ، قاله قتادة ، ومنه قول كثيّر : @ فإن تكُنْ العُتْبى فأهْلاً ومرحبا وحُقّتْ لها العُتبى لديْنَا وَقَلَّت . @@ ويحتمل وجهاً ثالثاً : أنها جمعت ، مأخوذ من اجتماع الحق على نافيه وحكى ابن الانباري أن { أذنت لربها وحقت } جواب القسم ، والواو زائدة . { وإذا الأرضُ مُدَّتْ } فيها قولان : أحدهما : أن البيت كان قبل الأرض بألفي عام ، فمدت الأرض من تحته ، قاله ابن عمر . الثاني : أنها أرض القيامة ، قاله مجاهد ، وهو أشبه بسياق الكلام . وفي { مُدَّتْ } وجهان : أحدهما : سويت ، فدكّت الجبال ويبست البحار ، قاله السدي . الثاني : بسطت ، قاله الضحاك ، وروى عليّ بن الحسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مدّ الأديم حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدمه " . { وأَلقْتْ ما فيها وتَخلّتْ } فيه وجهان : أحدهما : ألقت ما في بطنها من الموتى ، وتخلت عمن على ظهرها من الأحياء ، قاله ابن جبير . الثاني : ألقت ما في بطنها من كنوزها ومعادنها وتخلت مما على ظهرها من جبالها وبحارها ، وهو معنى قول قتادة . ويحتمل ثالثاً : هو أعم ، أنها ألقت ما استوعدت ، وتخلت مما استحفظت لأن الله استودعها عباده أحياء وأمواتاً ، واستحفظها بلاده مزارع وأقواتاً . { يا أيها الإنسانُ إنك كادحٌ إلى ربك كدْحاً فملاقيه } فيه قولان : أحدهما : إنك ساعٍ إلى ربك سعياً حتى تلاقي ربك ، قاله يحيى بن سلام ، ومنه قول الشاعر : @ ومَضَتْ بشاشةُ كلِّ عَيْشٍ صالحٍ وَبقيتُ أكْدَحُ للحياةِ وأَنْصَبُ @@ أي أعمل للحياة . ويحتمل قولاً ثالثاً : أن الكادح هو الذي يكدح نفسه في الطلب إن تيسّر أو تعسّر . { فأمّا مَنْ أَوتي كِتابَه بيمينه } روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يعرض الناس ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدال ومعاذير ، وفي الثالثة تطير الكتب من الأيدي ، فبين آخذٍ كتابه بيمينه ، وبين آخذٍ كتابه بشماله " . { فسوف يُحاسَبُ حِساباً يَسيراً } وفي الحساب ثلاثة أقاويل : أحدها : يجازى على الحسنات ويتجاوز له عن السيئات ، قاله الحسن . الثاني : ما رواه صفوان بن سليم عن عائشة قالت : سئل رسول الله عن الذي يحاسب حساباً يسيراً ، فقال : " يعرف عمله ثم يتجاوز عنه ، ولكن من نوقش الحساب فذلك هو الهالك " . الثالث : أنه العرض ، روى ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها : أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله : { فسوف يحاسب حساباً يسيراً } فقال : " ذلك العرض يا عائشة ، من نوقش في الحساب يهلك " . { وَيَنقَلِبُ إلى أهْلِه مَسْروراً } قال قتادة : إلى أهله الذين قد أعدهم الله له في الجنة . ويحتمل وجهاً ثانياً : أن يريد أهله الذين كانوا له في الدنيا ليخبرهم بخلاصه وسلامته . { إنَّه ظَنَّ أن لن يَحُورَ } أي لن يرجع حياً مبعوثاً فيحاسب ثم يثاب أو يعاقب ، يقال : حار يحور ، إذا رجع ، ومنه الحديث : " أعوذ بالله من الحْور بعد الكْور " ، يعني من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة ، وروي : " بعد الكوْن " ، ومعناه انتشار الأمر بعد تمامه . وسئل معمر عن الحور بعد الكْون فقال : الرجل يكون صالحاً ثم يتحول امرء سوء . وقال ابن الأعرابي : الكُنْنّي : هو الذي يقول : كنت شاباً وكنت شجاعاً ، والكاني : هو الذي يقول : كان لي مال وكنت أهب وكان لي خيل وكنت أركب ، وأصل الحور الرجوع ، قال لبيد : @ وما المرءُ إلا كالشهاب وضوئه يَحُورُ رماداً بَعْد إذ هو ساطعُ . @@ وقال عكرمة وداود بن أبي هند : يحور كلمة بالحبشية ، ومعناها يرجع وقيل للقصار حواري لأن الثياب ترجع بعمله إلى البياض . { بلى إنّ ربّه كان به بَصيراً } يحتمل وجهين : أحدهما : مشاهداً لما كان عليه . الثاني : خبيراً بما يصير إليه .