Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 90, Ayat: 1-10)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { لا أُقْسِمُ بهذا البَلَد } ومعناه على أصح الوجوه : أُقْسِم بهذا البلد ، وفي " البلد " قولان : أحدهما : مكة ، قاله ابن عباس . الثاني : الحرم كله ، قاله مجاهد . { وأنتَ حلٌّ بهذا البَلَدِ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : حل لك ما صنعته في هذا البلد من قتال أو غيره ، قاله ابن عباس ومجاهد . الثاني : أنت مُحِل في هذا البد غير مُحْرِم في دخولك عام الفتح ، قاله الحسن وعطاء . الثالث : أن يستحل المشركون فيه حرمتك وحرمة من اتبعك توبيخاً للمشركين . ويحتمل رابعاً : وأنت حالٌّ أي نازل في هذا البلد ، لأنها نزلت عليه وهو بمكة لم يفرض عليه الإحرام ولم يؤْذن له في القتال ، وكانت حرمة مكة فيها أعظم ، والقسم بها أفخم . { ووالدٍ وما وَلَدَ } فيه أربعة أوجه . أحدها : آدم وما ولد ، قاله مجاهد وقتادة والحسن والضحاك . الثاني : أن الوالد إبراهيم وما ولد ، قاله ابو عمران الجوني . الثالث : أن الوالد هو الذي يلد ، وما ولد هو العاقر الذي لا يلد ، قاله ابن عباس . الرابع : أن الوالد العاقر ، وما ولد التي تلد ، قاله عكرمة . ويحتمل خامساً : أن الوالد النبي صلى الله عليه وسلم ، لتقدم ذكره ، وما ولد أُمتّه ، لقوله عليه السلام إنما أنا لكم مثل الوالد أعلّمكم ، فأقسم به وبأمّته بعد أن أقسم ببلده مبالغة في تشريفه . { لقد خَلقنا الإنسانَ في كَبَدٍ } إلى هاهنا انتهى القسم وهذا جوابه . وفي قوله " في كَبَد " سبعة أقاويل : أحدها : في انتصاب في بطن أُمّه وبعد ولادته ، خص الإنسان بذلك تشريفاً ، ولم يخلق غيره من الحيوان منتصباً ، قاله ابن عباس وعكرمة . الثاني : في اعتدال ، لما بيّنه بعد من قوله { ألم نَجْعَلْ له عَيْنَين } الآيات ، حكاه ابن شجرة . الثالث : يعني من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ، يتكبد في الخلق مأخوذ من تكبد الدم وهو غلظه ، ومنه أخذ أسم الكبد لأنه دم قد غلظ ، وهو معنى قول مجاهد . الرابع : في شدة لأنها حملته كرهاً ووضعته كرهاً ، مأخوذ من المكابدة ، ومنه قول لبيد : @ يا عين هلاّ بكيْتِ أَرْبَدَ إذ قُمْنا وقامَ الخصومُ في كَبَدِ . @@ رواه ابن أبي نجيح . الخامس : لأنه يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة ، قاله الحسن . السادس : لأنه خلق آدم في كبد السماء ، قاله ابن زيد . السابع : لأنه يكابد الشكر على السّراء والصبر على الضّراء ، لأنه لا يخلو من أحدهما ، رواه ابن عمر . ويحتمل ثامناً : يريد به أنه ذو نفور وحميّة ، مأخوذ من قولهم لفلان كبَد ، إذا كان شديد النفور والحمية . وفيمن اريد بالإنسان ها هنا قولان : أحدهما : جميع الناس . الثاني : الكافر يكابد شبهات . { أيَحْسَب أنْ لَنْ يَقْدِر عليه أحَدٌ } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : أيحسب الإنسان أن لن يقدر عليه الله أن يبعثه بعد الموت ، قاله السدي . الثاني : أيحسب الإنسان أن لن يقدر عليه أحد بأخذ ماله ، قاله الحسن . الثالث : أيحسب أن لن يذله أحد ، لأن القدرة عليه ذل له . { يقولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً } فيه وجهان : أحدهما : يعني كثيراً . الثاني : مجتمعاً بعضه على بعض ، ومنه سمي اللّبْد لاجتماعه وتلبيد بعضه على بعض . ويحتمل ثالثاً : يعني مالاً قديماً ، لاشتقاقه من الأبد ، أو للمبالغة في قدمه من عهد لَبِد ، لأن العرب تضرب المثل في القدم بلبد ، وذكر قدمه لطول بقائه وشدة ضَنِّه به . وقيل إن هذا القائل أبو الشد الجمحي ، أنفق مالا كثيراً في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصد عن سبيل الله ، وقيل بل هو النضر بن الحارث . وهذا القول يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون استطالة بما أنفق فيكون طغياناً منه . الثاني : أن يكون أسفاً عليه ، فيكون ندماً منه . { أيحْسَبُ أن لم يَرَهُ أَحَدٌ } فيه وجهان : أحدهما : أن لم يره الله ، قاله مجاهد . الثاني : أن لم يره أحد من الناس فيما أنفقه ، قاله ابن شجرة . ويحتمل وجهاً ثالثاً : أيحسب أن لم يظهر ما فعله أن لا يؤاخذ به ، على وجه التهديد ، كما يقول الإنسان لمن ينكر عليه فعله ، قد رأيت ما صنعت ، تهديداً له فيكون الكلام على هذا الوجه وعيداً ، وعلى ما تقدم تكذيباً . { وهَدَيْناه النَّجْدَيْنِ } فيهما أربعة تأويلات : أحدها : سبيل الخير والشر ، قاله علي رضي الله عنه والحسن . الثاني : سبيل الهدى والضلالة ، قاله ابن عباس . الثالث : سبيل الشقاء والسعادة ، قاله مجاهد . الرابع : الثديين ليتغذى بهما ، قاله قتادة والربيع بن خثيم . قال قطرب : والنجد هو الطريق المرتفع ، فأرض نجد هي المرتفعة ، وأرض تهامة هي المنخفضة . ويحتمل على هذا الاشتقاق خامساً : أنهما الجنة والنار ، لارتفاعهما عن الأرض .