Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 40-40)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا } عذابنا ، { وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ } ، اختلفوا في التنور ، قال عكرمة والزهري : هو وجه الأرض ، وذلك أنه قيل لنوح : إذا رأَيتَ الماء فارَ على وجه الأرض فاركبِ السفينة . ورُوي عن علي رضي الله عنه أنه قال : فار التنور أي : طلع الفجر ونور الصبح . وقال الحسن ومجاهد والشعبي : إنه التنور الذي يخبز فيه ، وهو قول أكثر المفسرين . ورواية عطية عن ابن عباس قال الحسن : كان تنوراً من حجارة ، كانت حواء تخبز فيه فصار إلى نوح عليه السلام ، فقيل لنوح : إذا رأيتَ الماءَ يفور من التنور فاركبِ السفينة أنتَ وأصحابُك . واختلفوا في موضعه ، قال مجاهد والشعبي : كان في ناحية الكوفة . وكان الشعبي يحلف : ما فار التنور إلاّ من ناحية الكوفة . وقال : اتّخذ نوحٍ السفينة في جوف مسجد الكوفة . وكان التنور على يمين الداخل مما يلي باب بني كندة ، وكان فورانُ الماء منه عَلَماً لنوح عليه السلام . وقال مقاتل : كان ذلك تنور آدم ، وكان بالشام بموضع يقال له : عين ورده . ورُوي عن ابن عباس : أنه كان بالهند . والفوران : الغليان . قوله تعالى : { قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا } ، أي : في السفينة ، { مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } ، الزوجان : كل اثنين لا يستغني أحدهما عن الآخر ، يقال لكل واحد منهما زوج ، يقال : زوج خف وزوج نعل ، والمراد بالزوجين هٰهنا : الذكر والأنثى . قرأ حفص هٰهنا وفي سورة المؤمنين : { مِن كُلٍّ } بالتنوين ، أي : من كل صنف زوجين اثنين ، ذكره تأكيداً . وفي القصة : أن نوحاً عليه الصّلاة والسلام قال : يا ربِّ كيفَ أحمل من زوجين اثنين ، ولا أعرف الذكر من الأنثى ؟ فحشر الله إليه الوحوشَ والسباعَ والهوام والطير ، فجعل يضرب بيديه في كل جنس فيقع الذكر في يده والأنثى في يده اليسرى ، فيحمله في السفينة . { وَأَهْلَكَ } ، أي : واحملْ أهلكَ ، أي : ولدك وعيالك ، { إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ } ، بالهلاك يعني امرأته وَاعِلة وابنه كنعان ، { وَمَنْ ءَامَنَ } ، يعني : واحمل من آمن بك ، قال الله تعالىٰ : { وَمَآ ءَامَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } ، واختلفوا في عددهم ، قال قتادة وابن جريج ومحمد بن كعب القرظي : لم يكن في السفينة إلا ثمانية ، نوح وامرأته وثلاثة بنين له سام وحام يافث ، ونساؤهم . وقال الأعمش : كانوا سبعة نوح وثلاثة بنين له وثلاث كنائن له . وقال ابن إسحاق : كانوا عشرة سوى نسائهم ، نوح وبنوه سام وحام ويافث وستة أناس ممن كان آمن به وأزواجهم جميعاً . وقال مقاتل : كانوا اثنين وسبعين نفراً نوحاً وامرأته وبنيه الثلاثة ونسائهم ، فجميعهم ثمانية وسبعون نصفهم رجال ونصفهم نساء . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان في سفينة نوح ثمانون رجلاً أحدهم جرهم . قال مقاتل : حمل نوح معه جسد آدم فجعله معترضاً بين الرجال والنساء وقصد نوحاً جميعُ الدواب والطيور ليحملها . قال ابن عباس رضي الله عنهما : أول ما حمل نوح الدرة وآخر ما حمل الحمار ، فلما دخل الحمار دخل صدره تعلق إبليس بذنبه ، فلم يستقل رجلاه فجعل نوح يقول : ويحك ادخل فنهض فلم يستطع ، حتى قال نوح : ويحك ادْخُلْ وإن كان الشيطان معك كلمة زلّت على لسانه ، فلما قالها نوح خلّى الشيطان سبيله فدخل ودخل الشيطان معه ، فقال له نوح : ما أدخلك عليَّ يا عدوّ الله ؟ قال : ألم تقل ادخل وإن كان الشيطان معك ، قال : اخرج عني يا عدوّ الله ، فقال : ما لك بدّ من أن تحملني معك ، فكان فيما يزعمون في ظهر الفلك . ورُوي عن بعضهم : أن الحية والعقرب أتيا نوحاً فقالتا : احملنا ، فقال : إنكما سبب الضر والبلاء ، فلا أحملكما ، فقالتا له : احملنا ونحن نضمن لك أن لا نضرّ أحداً ذكرك فمن قرأ حين خاف مضرّتهما سلام على نوح في العالمين ما ضرّتاه . قال الحسن : لم يحمل نوح في السفينة إلاّ ما يلد ويبيض ، فأمّا ما يتولد من الطين من حشرات الأرض كالبق والبعوض والذباب فلم يحمل منها شيئاً .