Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 40-42)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ } ، أي : من دون الله ، وإنما ذُكر بلفظ الجمع وقد ابتدأ الخطاب للاثنين لأنه أراد جميعَ أهل السجن ، وكلَّ من هو على مثل حالهما من [ أهل ] الشرك ، { إِلاَّ أَسْمَآءً سَمَّيْتُمُوهَآ } ، آلهةً وأرباباً خالية عن المعنى لا حقيقة لتلك الأسماء ، { أَنتُمْ وَءَابَآؤُكُمْ مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَـٰنٍ } ، حجة وبرهان ، { إِنِ ٱلْحُكْمُ } ، ما القضاء والأمر والنهي ، { إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ } ، المستقيم ، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } ، ثم فسَّر رؤياهما فقال : { يَٰصَاحِبَىِ ٱلسِّجْنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا } ، وهو صاحب الشراب ، { فَيَسْقِى رَبَّهُ } ، يعني الملك { خَمْراً } ، والعناقيد الثلاثة أيام يبقى في السجن ثم يدعوه الملك بعد الثلاثة أيام ، ويرده إلى منزلته التي كان عليها ، { وَأَمَّا ٱلأَخَرُ } ، يعني : صاحب الطعام فيدعوه الملك بعد ثلاثة أيام ، والسلال الثلاث : الثلاثة أيام يبقى في السجن ، ثم يخرجه ، { فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ } . قال ابن مسعود : لمّا سَمِعَا قولَ يوسفَ قالا : ما رأينا شيئاً إنّما كنّا نلعب ، قال يوسف : { قُضِىَ ٱلأَمْرُ ٱلَّذِى فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ } ، أي : فُرغ من الأمر الذي عنه تسألان ، ووجب حكم الله عليكما بالذي أخبرتُكما به ، رأيتُما أو لم تَرَيا . { وَقَالَ } ، يعني : يوسف عند ذلك { لِلَّذِى ظَنَّ } ، أي : علم { أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا } ، وهو الساقي ، { ٱذْكُرْنِى عِندَ رَبِّكَ } ، يعني : سيدك الملك ، وقل له : إن في السجن غلاماً محبوساً ظلماً طال حبسه : { فَأَنْسَاهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ ذِكْرَ رَبِّهِ } ، قيل : أنسى الشيطان الساقي ذكر يوسف للملك ، تقديره : فأنساه الشيطان ذكره لربه . وقال ابن عباس وعليه الأكثرون : أنسى الشيطانُ يوسفَ ذكرَ ربِّه حين ابتغى الفرج ، من غيره واستعان بمخلوق ، وتلك غفلة عرضت ليوسف من الشيطان . { فَلَبِثَ } ، فمكث ، { فِى ٱلسِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ } ، واختلفوا في معنى البضع ، فقال مجاهد : ما بين الثلاث إلى السبع . وقال قتادة : ما بين الثلاث إلى التسع . وقال ابن عباس : ما دون العشرة . وأكثر المفسرين على أن البضع في هذه الآية سبع سنين ، وكان قد لبث قبله خمس سنين فجملته اثنتا عشرة سنة . وقال وهب : أصاب أيوب البلاء سبع سنين ، وتُرك يوسف في السجن سبع سنين ، وعذب بختنصر فحول في السباع سبع سنين . قال مالك بن دينار : لما قال يوسف للساقي اذكرني عند ربك ، قيل له : يايوسف اتخذتَ من دوني وكيلاً لأطيلنَّ حبسَك ، فبكى يوسف ، وقال : يارب أنسي قلبي كثرةُ البلوى فقلتُ كلمةً ولن أعود . وقال الحسن : دخل جبريل على يوسف في السجن ، فلما رآه يوسف عرفه فقال له : يا أخا المنذرين مالي أراك بين الخاطئين ؟ فقال له جبريل : ياطاهر الطاهرين يقرأ عليك السلام ربُّ العالمين ، ويقول لك : أما استحييت مني أن استشفعتَ بالآدميين ، فوعزتي لألبثنّك في السجن بضع سنين ، قال يوسف : وهو في ذلك عنّي راض ؟ قال : نعم ، قال : إذاً لا أبالي . وقال كعب : قال جبريل ليوسف إن الله تعالى يقول من خلقك ؟ قال : الله ، قال : فمن حببَّكَ إلى أبيك ؟ قال : الله ، قال : فمن نجّاك من كرب البئر ؟ قال : الله ، قال : فمن علّمك تأويلَ الرؤيا ؟ قال : الله ، قال : فمن صرف عنك السوء والفحشاء ؟ قال : الله ، قال : فكيف استشفعت بآدمي مثلك ؟ فلما انقضت سبع سنين - قال الكلبي : فهذه السبع سوى الخمسة التي كانت قبل ذلك ودَنَا فَرَجُ يوسف ، فرأى ملك مصر الأكبر رؤياً عجيبة هالته ، وذلك أنه رأى سبع بقرات سمان ، خرجت من البحر ، ثم خرج عقبهن سبع بقرات عجاف في غاية الهزال ، فابتلعت العجافُ السِّمانَ فدخلن في بطونهن ، ولم يُرَ منهن شيء ، ولم يتبين على العجاف منها شيء ، ثم رأى سبع سنبلات خضر قد انعقد حَبُّها ، وسبعاً أخرى يابسات قد استحصدت ، فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليها ولم يبق من خضرتها شيء ، فجمع السحرة والكهنة والحازة والمعبرين وقص عليهم رؤياه .