Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 82-84)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا } ، أي : أهلَ القرية وهي مصر . قال ابن عباس : هي قرية من قرى مصر كانوا ارتحلوا منها إلى مصر . { وَٱلْعِيرَ ٱلَّتِىۤ أَقْبَلْنَا فِيهَا } ، أي : القافلة التي كنا فيها . وكان صَحِبَهم قوم من كنعان من جيران يعقوب . قال ابن إسحاق : عرف الأخ المحتبس بمصر أن إخوته أهل تهمة عند أبيهم لِما كانوا يصنعوا في أمر يوسف ، فأمرهم أن يقولوا هذا لأبيهم . { وَإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ } . فإن قيل : كيف استجاز يوسف أن يعمل مثل هذا بأبيه ولم يخبره بمكانه ، وحبس أخاه مع علمه بشدة وجد أبيه عليه ، وفيه معنى العقوق وقطيعة الرحم وقلة الشفقة ؟ . قيل : قد أكثر الناس فيه ، والصحيح أنه عمل ذلك بأمر الله سبحانه وتعالى ، أمره بذلك ، ليزيد في بلاء يعقوب فيضاعف له الأجر ويلحقه في الدرجة بآبائه الماضين . وقيل : إنه لم يظهر نفسه لإِخوته لأنه لم يأمن أن يدبروا في أمره تدبيراً فيكتموه عن أبيه ، والأول أصح . { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ } ، زيّنت ، { أَنفُسُكُمْ أَمْراً } ، وفيه اختصار معناه : فرجعوا إلى أبيهم وذكروا لأبيهم ما قال كبيرهم ، فقال يعقوب : { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً } ، أي : حمل أخيكم إلى مصر لطلب نفع عاجل . { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِى بِهِمْ جَمِيعاً } ، يعني : يوسف ، وبنيامين ، وأخاهم المقيم بمصر . { إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ } ، بحزني ووجدي على فقدهم ، { ٱلْحَكِيمُ } ، في تدبير خلقه . قوله تعالى : { وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ } ، وذلك أن يعقوب عليه السلام لمّا بلغه خبر بنيامين تتامَّ حزنه وبلغ جهده ، وتهيج حزنه على يوسف فأعرض عنهم ، { وَقَالَ يَٰأَسَفَىٰ } ، يا حزناه ، { عَلَىٰ يُوسُفَ } ، والأسفُ أشدُّ الحزن ، { وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ ٱلْحُزْنِ } ، يعني : عُمي بصره . قال مقاتل : لم يبصر بهما ست سنين ، { فَهُوَ كَظِيمٌ } ، أي : مكظوم مملوء من الحزن ممسك عليه لا يبثه . قال قتادة : تردد حزنه في جوفه ولم يقل إلاّ خيراً . وقال الحسن : كان بين خروج يوسف من حجر أبيه إلى يوم التقى معه ثمانون عاماً لا تجف عينا يعقوب وما على وجه الأرض يومئذ أكرم على الله من يعقوب .