Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 19-21)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } ، قرأ حمزة والكسائي " خالق السموات والأرض " وفي سورة النور " خالق كل دابة " مضافاً . وقرأ الآخرون { خلق } على الماضي { والأرض } وكلٌّ بالنصب . { بِٱلْحقِّ } أي : لم يخلقهما باطلاً وإنما خلقهم لأمرٍ عظيم ، { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } ، سواكم أَطْوَعَ لله منكم . { وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ } ، منيع شديد ، يعني أن الأشياء تسهل في القدرة ، لا يصعب على الله شيء وإن جلّ وعَظُم . قوله عزّ وجلّ : { وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعاً } أي : خرجوا من قبورهم إلى الله وظهروا جميعاً { فَقَالَ ٱلضُّعَفَاءُ } ، يعني : الأتباع ، { لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ } ، أي : تكبروا على الناس وهم القادة والرؤساء ، { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً } جمع تابع ، مثل : حَرَس وحارس ، { فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ } ، دافعون ، { عَنَّا مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَىْءٍ } . { قَالُواْ } ، يعني القادة المتبوعين : { لَوْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ } ، أي : لو هدانا الله لدعوناكم إلى الهُدى ، فلما أضلَّنا دعوناكم إلى الضلالة ، { سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } ، مهرب ولا منجاةٍ . قال مقاتل : يقولون في النار تعالوا نجزع ، فيجزعون خمسمائة عام ، فلا ينفعهم الجزع ، ثم يقولون : تعالوا نصبر ، فيصبرون خمسمائة عام فلا ينفعهم ، فحينئذ يقولون : { سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } . قال محمد بن كعب القرظبي : بلغني أن أهل النار استغاثوا بالخزنة . فقال الله تعالى : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ ٱلْعَذَابِ } [ غافر : 49 ] ، فردت الخزنة عليهم : { أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالُواْ بَلَىٰ } فردت الخزنة عليهم : { فَٱدْعُواْ وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } [ غافر : 50 ] فلما يئسوا مما عند الخزنة نادوا { يَٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } [ الزخرف : 77 ] سألوا الموت ، فلا يجيبهم ثمانين سنة والسنة ستون وثلاثمائة يوماً ، واليوم كألف سنة مما تعدون ، ثم لحظ إليهم بعد الثمانين إنكم ماكثون ، فلما يئسوا مما قَبْله قال بعضهم لبعض : إنه قد نزل بكم من البلاء ما ترون فهلموا فلنصبر ، فلعل الصبر ينفعنا كما صبرَ أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم ، فأجمعوا على الصبر ، فطال صبرهم ثم جزعوا فنادوا : { سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } ، أي : من منجا . قال : فقام إبليس عند ذلك فخطبهم . فقال : { إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ } الآية ، فلما سمعوا مقالته مقتوا أنفسهم فنودُوا : { لَمَقْتُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى ٱلإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ } [ غافر : 10 ] قال فنادوا الثانية : { فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } فرد عليهم : { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } [ السجدة : 12 ، 13 ] فنادوا الثالثة : { رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ } [ إبراهيم : 44 ] ، فرد عليهم : { أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } الآيات [ إبراهيم : 44 ] ، ثم نادوا الرابعة : { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ } فرد عليهم : { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ } الآية [ فاطر : 37 ] قال : فمكث عليهم ما شاء الله ، ثم ناداهم : { أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ } فلما سمعُوا ذلك قالوا : الآن يرحمنا ، فقالوا عند ذلك : { رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَـٰلِمُونَ } قال عند ذلك : { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [ المؤمنون : [ 105 - 108 ] فانقطع عند ذلك الرجاء والدعاء عنهم ، فأقبل بعضهم على بعض ينبح بعضهم في وجوه بعض ، وأطبقت عليهم النار .