Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 45-46)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَسَكَنتُمْ } في الدنيا ، { فِى مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ } ، بالكفر والعصيان ، يعني قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم . { وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ } ، أي : عرفتم عقوبتنا إيّاهم ، { وَضَرَبْنَا لَكُمُ ٱلأَمْثَالَ } ، أي : بينَّا أن مثلكم كمثلهم . { وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ } ، أي : جزاء مكرهم ، { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ } ، قرأ علي وابن مسعود : { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ } بالدال ، وقرأ العامة بالنون . { لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ } ، قرأ العامة لتزول بكسر اللام الأولى ونصب الثانية . معناه : وما كان مكرهم . قال الحسن : إن كان مكرهم لأضعف من أن تزول منه الجبال . وقيل : معناه إن مكرهم لا يزيل أمر محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو ثابت كثبوت الجبال . وقرأ ابن جريج والكسائي : { لتزول } بفتح اللام الأولى ورفع الثانية ، معناه : إن مكرهم وإن عظم حتى بلغ محلاً يزيل الجبال لم يقدروا على إزالة أمر محمد صلى الله عليه وسلم . قال قتادة : معناه وإن كان شركهم لتزول منه الجبال وهو قوله تعالى : { وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً أَن دَعَوْاْ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً } [ مريم : 90 ، 91 ] . ويُحكى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في معنى الآية : أنها نزلت في نمرود الجبَّار الذي حاج إبراهيم في ربه ، وذلك أنه قال : إن كان ما يقول إبراهيم حقاً فلا أنتهي حتى أصعد السماء فأعلم ما فيها ، فعمد إلى أربعة أفراخ من النسور فربَّاها حتى شبت واتخذ تابوتاً ، وجعل له باباً من أعلى وباباً من أسفل ، وقعد نمرود مع الرجل في التابوت ، ونصب خشباتٍ في أطراف التابوت ، وجعل على رؤوسها اللحم وربط ، التابوت بأرجل النسور ، فطِرْن وصعدن طمعاً في اللحم ، حتى مضى يوم وأَبْعَدْنَ في الهواء ، فقال نمرود لصاحبه : افتح الباب الأعلى وانظر إلى السماء هل قربناها ، ففتح الباب ونظر فقال : إن السماء كهيئتها ثم قال : افتح الباب الأسفل وانظر إلى الأرض كيف تراها ؟ ففعل ، فقال : أرى الأرض مثل اللجَّة والجبال مثل الدخان ، فطارت النسور يوماً آخر ، وارتفعت حتى حالت الريح بينها وبين الطيران ، فقال لصاحبه : افتح البابين ففتح الأعلى فإذا السماء كهيئتها ، وفتح الأسفل فإذا الأرض سوداء مظلمة ، فنودي : أيها الطاغية أين تريد ؟ قال عكرمة : كان معه في التابوت غلام قد حمل معه القوس والنشَّاب فرمى بسهم فعاد إليه السهم ملطخاً بدم سمكة قذفت نفسها من بحر في الهواء - وقيل : طائر أصابه السهم فقال : كفيت شغل إله السماء . قال : ثم أمر نمرود صاحبه أن يصوِّب الخشبات ينكص اللحم ، ففعل ، فهبطت النسور بالتابوت ، فسمعت الجبال حفيف التابوت والنسور ، ففزعت وظنت أنه قد حَدَثَ حدثٌ من السماء ، وأن الساعة قد قامت ، فكادت تزول عن أماكنها ، فذلك قوله تعالى : { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ } .