Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 104-106)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ ٱللَّهُ } ، لا يرشدهم الله ، { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، ثم أخبر الله تعالى أن الكفار هم المفترون . فقال : { إِنَّمَا يَفْتَرِى ٱلْكَذِبَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ وَأُوْلـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَـٰذِبُونَ } ، لا محمد صلى الله عليه وسلم . فإن قيل : قد قال : " إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون " ، فما معنى قوله : " وأولئك هم الكاذبون " ؟ قيل : " إنما يفتري الكذب " : إخبار عن فعلهم ، و " هم الكاذبون " نعت لازم لهم ، كقول الرجل لغيره : كذبت وأنت كاذب ، أي : كذبت في هذا القول ، ومن عادتك الكذب . أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد الجوهري ، أخبرنا جدي أبو بكر محمد بن عمر بن حفص ، حدثنا أبو بكر محمد بن الفرج الأزرق ، حدثنا سعيد بن عبدالحميد بن جعفر ، حدثنا يعلى بن الأشدق ، " عن عبدالله بن جراد قال : قلت : يا رسول الله المؤمن يزني ؟ قال : قد يكون ذلك ، قال قلت : المؤمن يسرق ؟ قال : قد يكون ذلك ، قلت : المؤمن يكذب ؟ قال : لا " ، قال الله : " إِنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله " . { مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَـٰنِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ } . قال ابن عباس : نزلت هذه الآية في عمار ، وذلك أن المشركين أخذوه ، وأباه ياسراً ، وأمه سميّة ، وصهيباً ، وبلالاً ، وخبَّاباً ، وسالماً ، فعذبوهم ، فأما سُمية : فإنها ربطت بين بعيرين ووُجِىء قُبُلَها بحربة فقتلت ، وقتل زوجها ياسر ، وهما أول قتيلين قُتِلا في الإِسلام ، وأما عمار : فإنه أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرهاً . قال قتادة : " أخذ بنو المغيرة عماراً وغطُّوه في بئر ميمون ، وقالوا له : اكفر بمحمد ، فتابعهم على ذلك ، وقلبه كاره ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن عماراً كفر فقال : كلا ، إن عماراً مُلِىء إيماناً من قرنه إلى قدمه ، واختلط الإِيمان بلحمه ودمه ، فأتى عمار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما وراءك ؟ قال : شرٌّ يا رسول الله ، نلتُ منك وذكرت آلهتهم ، قال : كيف وجدت قلبك ، قال : مطمئناً بالإِيمان ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ، يمسح عينيه وقال : إن عادُوا لَكَ فعُدْ لهم بما قلت " ، فنزلت هذه الآية . قال مجاهد : نزلت في ناسٍ من أهل مكة ، آمنوا فكتب إليهم بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن هاجروا ، فإنا لا نراكم منا حتى تهاجروا إلينا ، فخرجوا يريدون المدينة ، فأدركتهم قريش في الطريق فكفروا كارهين . وقال مقاتل : نزلت في جَبْرٍ ، مولى عامر بن الحضرمي ، أكرهه سيده على الكفر فكفر مكرهاً ، { وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِٱلإِيمَـٰنِ } ، ثم أسلم مولى جبر ، وحسن إسلامه ، وهاجر جبر مع سيده ، { وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا } أي : فتح صدره للكفر بالقبول واختاره ، { فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } . وأجمع العلماء على : أن من أُكره على كلمة الكفر ، يجوز له أن يقول بلسانه ، وإذا قال بلسانه غيرَ معتقدٍ لا يكون كفراً ، وإن أبى أن يقوله حتى يقتل كان أفضل . واختلف أهل العلم في طلاق المكره . فذهب أكثرهم إلى أنه لا يقع .