Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 66-71)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فلما { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ } يقول : جئتك لأتبعك وأصحبك ، { عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً } ، قرأ أبو عمرو ويعقوب : { رَشْداً } بفتح الراء والشين ، وقرأ الآخرون : بضم الراء وسكون الشين ، أي صواباً . وقيل : علماً ترشدني به . وفي بعض الأخبار أنه لما قال له موسى هذا قال له الخضر : كفى بالتوراة علماً وببني إسرائيل شغلاً ، فقال له موسى : إن الله أمرني بهذا فحينئذ . { قَالَ } ، الخضر ، { إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْراً } ، وإنما قال ذلك لأنه علم أنه يرى أموراً منكرة ، ولا يجوز للأنبياء أن يصبروا على المنكرات ، ثم بيّن عذره في ترك الصبر . فقال : { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً } ، أي علماً . { قَالَ } ، موسى ، { سَتَجِدُنِىۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرًا } ، إنما استثنى لأنه لم يثق من نفسه بالصبر { وَلاَ أَعْصِى لَكَ أَمْراً } ، أي : لا أخالفك فيما تأمر . { قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِى } ، فأن صحبتني ، ولم يقل : اتبعني ، ولكن جعل الاختيار إليه إلا أنه شرط عليه شرطاً فقال : { فَلاَ تَسْأَلْنِى } ، قرأ أبو جعفر ونافع وابن عامر بفتح اللام وتشديد النون ، والآخرون بسكون اللام وتخفيف النون ، { عَن شَىْءٍ } أعلمه مما تنكره ولا تعترض عليه ، { حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً } ، حتى أبتدىء لك بذكره فأبيّن لك شأنه . { فَٱنطَلَقَا } ، يمشيان على الساحل يطلبان سفينة يركبانها ، فوجدا سفينة فركباها ، فقال أهل السفينة : هؤلاء لصوص ، وأمروهما بالخروج ، فقال صاحب السفينة : ما هم بلصوص ، ولكني أرى وجوه الأنبياء . وروينا عن أبيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم : " مرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم فعرفوا الخَضِرَ فحملوهم بغير نَوْل ، فلما لججوا البحر أخذ الخضر فأساً فخرق لوحاً من السفينة " فذلك قوله تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِى ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ } ، له موسى ، { أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا } ، قرأ حمزة والكسائي : « ليَغْرَق » بالياء وفتحها وفتح الراء ، { أهلُها } بالرفع على اللزوم ، وقرأ الآخرون : بالتاء ورفعها وكسر الراء { أهلَها } بالنصب على أن الفعل للخضر . { لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا } أي : منكراً ، والإِمر في كلام العرب الداهية ، وأصله كلُّ شيء شديد كثير ، يقال : أَمِرَ القومُ : إذا كثروا واشتدَّ أمرهم . وقال القتيبي { إِمْرَاً } أي : عجباً . ورُوي أن الخضر لما خرق السفينة لم يدخلها الماء . وروي أن موسى لما رأى ذلك أخذ ثوبه فحشى به الخرق . وروي أن الخضر أخذ قدحاً من زجاج ورقع به خرق السفينة .