Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 41-44)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عزّ وجلّ : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلطَّيْرُ صَآفَّـٰتٍ } باسطات أجنحتهن بالهواء . قيل خص الطير بالذكر من جملة الحيوان لأنها تكون بين السماء والأرض فتكون خارجة عن حكم من في السماء والأرض ، { كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ } ، قال مجاهد : الصلاة لبني آدم ، والتسبيح لسائر الخلق . وقيل : إن ضَرْب الأجنحة صلاة الطير وصوته تسبيحه . قوله : { كُلٌّ قَدْ عَلِمَ } أي : كل مصلٍّ ومسبحٍّ علم الله صلاته وتسبيحه . وقيل : معناه كل مصل ومسبح منهم قد علم صلاة نفسه وتسبيحه ، { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } . { وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } . { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُزْجِى } يعني يسوق بأمره ، { سَحَاباً } ، إلى حيث يريد ، { ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ } ، أي : يجمع بين قطع السحاب المتفرقة بعضها إلى بعض ، { ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً } ، متراكماً بعضه فوق بعض ، { فَتَرَى ٱلْوَدْقَ } ، يعني المطر ، { يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ } ، وسطه وهو جمع الخلل ، كالجبال جمع الجبل . { وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ } ، يعني : ينزل البرد ، و « من » صلة ، وقيل : معناه وينزل من السماء من جبال ، أي : مقدار جبال في الكثرة من البرد ، و « من » في قوله { مِن جِبَالٍ } صلة أي : ينزل من السماء جبالاً من برد . وقيل : معناه وينزل من جبال في السماء تلك الجبال من برد . وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أخبر الله عزّ وجلّ أن في السماء جبالاً من برد ، ومفعول الإِنزال محذوف تقديره : وينزل من السماء من جبال فيها برد ، فاستغنى عن ذكر المفعول للدلالة عليه . قال أهل النحو ذكر الله تعالى « من » ثلاث مرات في هذه الآية فقوله { مِنَ ٱلسَّمَآءِ } لابتداء الغاية لأن ابتداء الإِنزال من السماء ، وقوله تعالى : { مِن جِبَالٍ } للتبعيض لأن ما ينزله الله تعالى بعض تلك الجبال التي في السماء ، وقوله تعالى : { مِن بَرَدٍ } للتجنيس لأن تلك الجبال من جنس البرد . { فَيُصِيبُ بِهِ } ، يعني بالبرد { مَن يَشَآءُ } ، فيهلك زروعه وأمواله ، { وَيَصْرِفُهُ عَمَّن يَشَآءُ } ، فلا يضره ، { يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ } ، يعني ضوء برق السحاب ، { يَذْهَبُ بِٱلأَبْصَـٰرِ } ، من شدة ضوئه وبريقه ، وقرأ أبو جعفر " يُذْهِب " بضم الياء وكسر الهاء . { يُقَلِّبُ ٱللَّهُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ } يصرفهما في اختلافهما وتعاقبهما يأتي بالليل ويذهب النهار ، ويأتي بالنهار ويذهب بالليل . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا الحميدي ، أخبرنا سفيان ، أخبرنا الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى : " يؤذيني ابن آدم ، يسبُّ الدهَر , وأنا الدهر ، بيدي الأمر ، أقلِّب الليل والنهار " . قوله تعالى : { إِنَّ فِى ذٰلِكَ } ، يعني في ذلك الذي ذكرت من هذه الأشياء ، { لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَـٰرِ } ، يعني : دلالة لأهل العقول والبصائر على قدرة الله تعالى وتوحيده .