Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 54-55)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ } ، أي تولوا عن طاعة الله ورسوله ، { فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ } ، يعني : على الرسول ما كُلّف وأُمر به من تبليغ الرسالة ، { وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ } ، من الإِجابة والطاعة ، { وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ } ، أي التبليغ البيِّن . قوله عزّ وجلّ : { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلأَرْضِ } . قال أبو العالية : في هذه الآية : مكث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد الوحي عشر سنين مع أصحابه ، وأُمروا بالصبر على أذى الكفار ، وكانوا يُصْبِحُونَ ويُمْسُون خائفين ثم أُمروا بالهجرة إلى المدينة ، وأُمروا بالقتال وهم على خوفهم لا يفارق أحد منهم سلاحه ، فقال رجل منهم : أمَا يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح ؟ فأنزل الله هذه الآية : { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ } أدخل اللام لجواب اليمين المضمرة ، يعني والله ليستخلفنّهم أي ليورثنّهم أرض الكفار من العرب والعجم ، فيجعلهم ملوكها وساستها وسكانها ، { كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } قرأ أبو بكر عن عاصم : « كما استخلف » بضم التاء وكسر اللام على ما لم يسم فاعله ، وقرأ الآخرون بفتح التاء واللام لقوله تعالى : { وَعَدَ ٱللَّهُ } . قال قتادة : { كما استخلف } داود وسليمان وغيرهما من الأنبياء . وقيل : " كما استخلف الذين من قبلهم " أي : بني إسرائيل حيث أهلك الجبابرة بمصر والشام وأورثهم أرضهم وديارهم ، { وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِى ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ } ، أي : اختار ، قال ابن عباس : يوسع لهم في البلاد حتى يملكوها ويظهر دينهم على سائر الأديان ، { وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ } ، قرأ ابن كثير وأبو بكر ويعقوب بالتخفيف من الإِبدال ، وقرأ الآخرون بالتشديد من التبديل ، وهما لغتان ، وقال بعضهم : التبديل تغير حال إلى حال ، والإِبدال رفع الشيء وجعل غيره مكانه ، { مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِى } ، آمنين ، { لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً } ، فأنجز الله وعده ، وأظهر دينه ، ونصر أولياءه ، وأبدلهم بعد الخوف أمناً وبسطاً في الأرض . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا محمد بن الحكم ، أخبرنا النضر ، أخبرنا إسرائيل ، أخبرنا سعيد الطاهري ، أخبرنا مُحل بن خليفة ، عن عدي بن حاتم ، قال : " بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكى إليه الفاقة ، ثم أتاه آخر فشكى إليه قطع السبيل ، فقال : « يا عدي هل رأيت الحيرة ؟ قلت : لم أرها وقد أنبئت عنها ، قال : فإن طالت بك حياة فَلَتَريَنَّ الظعينة ترحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحداً إلا الله ، قلت فيما بيني وبين نفسي فأين دعار طيء الذين قد سعروا البلاد ؟ ، ولئن طالت بك حياة لتفتحنّ كنوز كسرى ، قلت : كسرى بن هرمز ؟ قال : كسرى بن هرمز ، لئن طالت بك حياة لترينّ الرجل يخرج ملء كفه من ذهب و فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحداً يقبله منه ، وليَلْقَيَنَّ اللَّهَ أحدكم يوم القيامة وليس بينه وبينه ترجمان يترجم ، فليقولنّ له ألم أبعث إليك رسولاً فيبلغك ؟ فيقول : بلى ، فيقول ألم أعطك مالاً وأفضل عليك ؟ فيقول : بلى فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنّم وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم » ، قال عدي : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة » ، قال عدي فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله ، وكنت ممن افتتح كنوز كسرى بن هرمز ، ولئن طالت بكم حياة لترونَّ ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم يخرج الرجل ملء كفه " . وفي الآية دلالة على خلافة الصديق وإمامة الخلفاء الراشدين . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح ، أخبرنا أبو القاسم البغوي ، أخبرنا علي بن الجعد ، أخبرني حماد هو ابن سلمة بن دينار ، عن سعيد بن جمهان ، عن سفينة قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً " . ثم قال : أمسك خلافة أبي بكر سنتين ، وخلافة عمر عشراً وعثمان اثني عشر ، وعلي ستة . قال علي : قلت لحماد : سفينةُ القائلُ لسعيدٍ أمسك ؟ قال : نعم . قوله عزّ وجلّ : { وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ } ، أراد به كفران النعمة ، ولم يرد الكفر بالله ، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ } ، العاصون لله . قال أهل التفسير : أول من كفر بهذه النعمة وجحد حقها الذين قتلوا عثمان رضي الله عنه ، فلما قتلوه غيّر الله ما بهم وأدخل عليهم الخوف حتى صاروا يقتتلون بعد أن كانوا إخواناً . أخبرنا أبو المظفر محمد بن أحمد التميمي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم المعروف بابن أبي نصر ، أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة المعروف بالطرابلسي ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن حميد بن هلال قال : قال عبد الله بن سلام في عثمان : إن الملائكة لم تزل محيطة بمدينتكم هذه منذ قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اليوم ، فوالله لئن قتلتموه ليذهبون ثم لا يعودون أبداً ، فوالله لا يقتله رجل منكم إلا لقي الله أجذم لا يَدَ لهُ ، وإن سيف الله لم يزل مغموداً عنكم ، والله لئن قتلتموه ليسلنَّه الله ثم لا يغمده عنكم ، إما قال : أبداً ، وإما قال : إلى يوم القيامة ، فما قتل نبي قط إلاّ قتل به سبعون ألفاً ، ولا خليفة إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفاً .