Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 7-7)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ } قرأ نافع ويعقوب « أَنْ » خفيفة وكذلك الثانية " لعنةُ الله " رفع ، ثم يعقوب قرأ « غضبُ » بالرفع ، وقرأ نافع « غضِبَ » بكسر الضاد وفتح الباء على الماضي « الله » رفع ، وقرأ الآخرون « أن » بالتشديد فيهما ، « لعنة » نصب ، و « غضَب » بفتح الضاد على الإِسم ، « الله » جر ، وقرأ حفص عن عاصم « والخامسةَ » الثانية نصب ، أي ويشهد الشهادة الخامسة ، وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء وخبره في أن كالأولى . وسبب نزول هذه الآية ما أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك عن ابن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن عويمر العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له : " يا عاصم أرأيت لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه ، أم كيف يفعل ؟ سل لي عن ذلك يا عاصمّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رجع عاصم إلى أهله جاء عويمر فقال له : يا عاصم ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عاصم لعويمر ، لم تأتني بخير ، قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألته عنها ، فقال عويمر ، والله لا أنتهي حتى أسأله عنها ، فجاء عويمر ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسط الناس فقال : يا رسول الله أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد أنزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها فقال سهل : فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما فرغا من تلاعنهما قال عويمر : كذبتُ عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقَّها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم " . قال مالك قال ابن شهاب : فكانت تلك سنة المتلاعنين . وقال محمد بن إسماعيل أخبرنا إسحاق ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا الأوزاعي ، أخبرنا الزهري بهذا الإِسناد بمثل معناه وزاد : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انظروا فإن جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم الإِليتين ، خدلج الساقين ، فلا أحسب عويمراً إلا قد صدق عليها ، وإن جاءت به أحيمر كأنه وجوه فلا أحسب عويمر إلا قد كذب عليها " ، فجاءت به على النعت الذي نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصديق عويمر . فكان بعد ينسب إلى أمه . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا محمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا أحمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا محمد بن بشار ، أخبرنا ابن أبي عدي ، عن هشام بن حسان ، أخبرنا عكرمة ، عن ابن عباس ، " أن هلال بن أمية قذف امرأته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : البينة أو حد في ظهرك فقال : يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً ينطلق يلتمس البينة ؟ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " البينة وإلاّ حدٌّ في ظهرك " فقال هلال : والذي بعثك بالحق إني لصادق ، ولينزلن الله ما يبرىء ظهري من الحدّ فنزل جبريل وأنزل عليه : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَٰجَهُمْ } فقرأ حتى بلغ { إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليهما ، فجاء هلال فشهد والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله يعلم أن أحدكما كاذب ، فهل منكما تائب " ؟ ثم قامت فشهدت فلما كانت عند الخامسة وقفوها وقالوا إنها موجبة ، قال ابن عباس فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع ، ثم قالت : لا أفضح قومي سائر اليوم ، فمضت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين ، سابغ الإِليتين خدلج الساقين فهو لشريك بن سحماء " ، فجاءت به كذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن " . وروى عكرمة عن ابن عباس : " قال لما نزلت : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَـٰتِ } الآية . قال سعد بن عبادة : لو أتيت لكاع وقد تفخذها رجل لم يكن لي أهيجه حتى آتيَ بأربعة شهداء ، فوالله ما كنت لآتي بأربعة شهداء حتى يفرغ من حاجته ويذهب ، وإن قلت ما رأيت إن في ظهري لثمانين جلدة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا معشر الأنصار ألا تسمعون ما يقول سيدكم " ؟ قالوا : لا تلمه ، فإنه رجل غيور ما تزوج امرأة قط إلا بكراً ولا طلق امرأة له فاجترأ رجل منا أن يتزوجها ، فقال سعد : يا رسول الله بأبي أنت وأمي والله إني لأعرف أنها من الله وأنها حق ولكن عجبت من ذلك لما أخبرتك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فإن الله يأبى إلا ذلك " ، فقال صدق الله ورسوله ، قال : فلم يلبثوا إلا يسيراً حتى جاء ابن عم له يقال له هلال بن أمية من حديقةٍ له ، فرأى رجلاً مع امرأته يزني بها ، فأمسك حتى أصبح ، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس مع أصحابه ، فقال : يا رسول الله إني جئت أهلي عشاءً فوجدت . رجلاً مع امرأتي ، رأيت بعيني وسمعت بأذني ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أتاه به وثقل عليه حتى عرف ذلك في وجهه ، فقال هلال : والله يا رسول الله إني لأرى الكراهية في وجهك مما أتيتك به ، والله يعلم إني لصادق وما قلت إلاّ حقاً ، وإني لأرجو أن يجعل الله لي فرجاً ، فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بضربه ، فقال : واجتمعت الأنصار فقالوا ابتُلِينا بما قال سعد ، يجلد هلال وتبطل شهادته ، وإنهم لكذلك ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه ، إذْ نزل عليه الوحي ، فأمسك أصحابه عن كلامه حين عرفوا أن الوحي قد نزل عليه ، حتى فرغ ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَٰجَهُمْ } ، إلى آخر الآيات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبشر يا هلال فإن الله قد جعل لك فرجاً " فقال : لقد كنت أرجو ذلك من الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسِلوا إليها فجاءت ، فلما اجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل لها فكذَّبتْ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب ؟ فقال هلال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي قد صدقتُ وما قلت إلاّ حقاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعِنُوا بينهما ، فقيل لهلال : اشهدْ ، فشهدَ أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ، فقيل له عند الخامسة : يا هلال اتقِ الله ، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، وإن عذاب الله أشد من عذاب الناس ، وإن هذه الخامسة هي الموجبة التي توجب عليك العذاب ، فقال هلال : والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فشهد الخامسة أنّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، ثم قال للمرأة : اشهدي ، فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ، فقال لها عند الخامسة ووقفها : اتقى الله فإن الخامسة موجبة وإن عذاب الله أشد من عذاب الناس فتلكأت ساعة وهمَّتْ بالاعتراف ثم قالت : والله لا أفضح قومي ، فشهدت الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ، ففرَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ، وقضى بأن الولد لها ولا يدعى لأب ولا يرمى ولدها ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن جاءت به كذا وكذا فهو لزوجها وإن جاءت به كذا وكذا فهو للذي قيل فيه " ، فجاءت به غلاماً كأنه جمل أورق ، على الشبه المكروه ، وكان بعد أميراً على مصر ، لا يدري من أبوه . وقال ابن عباس في سائر الروايات ، ومقاتل : " لما نزلت { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَـٰتِ } الآية ، فقرأها رسول الله يوم الجمعة على المنبر فقام عاصم بن عدي الأنصاري فقال : جعلني الله فداك ، إن رأى رجل منّا مع امرأته رجلاً فأخبر بما رأى جُلدَ ثمانين جلدة وسماه المسلمون فاسقاً ، ولا تقبل شهادته أبداً ، فكيف لنا بالشهداء ونحن إذا التمسنا الشهداء كان الرجل فرغ من حاجته ومرَّ ؟ وكان لعاصم هذا ابن عم يقال له عويمر ، وله امرأة يقال لها خولة بنت قيس بن محصن ، فأتى عويمر عاصماً وقال : لقد رأيت شريك بن السمحاء على بطن امرأتي خولة فاسترجع عاصم ، وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجمعة الأخرى ، فقال : يا رسول الله ما أسرع ما ابتليت بالسؤال الذي سألت في الجمعة الماضية في أهل بيتي ، فأخبره وكان عويمر وخولة وشريك كلهم بني عمٍّ عاصمٍ ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم جميعاً ، وقال لعويمر : " اتق الله في زوجتك وابنة عمك فلا تقذفها بالبهتان " فقال : يا رسول الله أقسم بالله إني رأيت شريكاً على بطنها وإني ما قربتها منذ أربعة أشهر ، وإنها حبلى من غيري ، فقال رسول الله للمرأة : " اتقي الله ولا تخبري إلا بما صنعت " فقالت : يا رسول الله إن عويمراً رجلاً غيور ، وإنه رآني وشريكاً يطيل السمر ونتحدث ، فحملته الغيرة على ما قال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لشريك : " ما تقول ؟ " فقال : ما تقوله المرأة كذب ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَٰجَهُمْ } الآية ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نودي الصلاة جامعة فصلى العصر ثم قال لعويمر : قم فقام فقال اشهدُ بالله أن خولة لزانية وإني لمن الصادقين ، ثم قال في الثانية أشهد إني رأيت شريكاً على بطنها ، وإني لمن الصادقين ، ثم قال في الثالثة أشهد بالله إنها حبلى من غيري وإني لمن الصادقين ، ثم قال في الرابعة أشهد بالله إني ما قربتها منذ أربعة أشهر وإني لمن الصادقين ، ثم قال في الخامسة : لعنة الله على عُويمر يعني نفسه إن كان من الكاذبين ، فيما قال ، ثم أمره بالقعود ، وقال لخولة : قومي فقامت ، فقالت : أشهد بالله ما أنا بزانية وإن عويمراً لمن الكاذبين ، ثم قالت في الثانية أشهد بالله أنه ما رأى شريكاً على بطني وإنه لمن الكاذبين ، ثم قالت في الثالثة أشهد بالله إني حبلى منه وإنه لمن الكاذبين ، ثم قالت في الرابعة أشهد بالله إنه ما رآني قط على فاحشة وإنه لمن الكاذبين ، ثم قالت في الخامسة غضب الله على خولة تعني نفسها إن كان من الصادقين ، ففرّق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ، وقال لولا هذه الأيمان لكان لي في أمرهما رأي ، ثم قال : تحينوابها الولادة فإن جاءت به أُصيهب أُثيبج يضرب إلى السواد فهو لشريك ، وإن جاءت به أورق جَعْداً جُمالياً خدلجَّ الساقين فهو لغير الذي رُميت به " قال ابن عباس فجاءت بأشبه خلق الله بشريك . والكلام في حكم الآية أن الرجل إذا قذف امرأته فموجبه موجب قذف الأجنبي في وجوب الحدِّ عليه إن كانت محصنة ، أو التعزير إن لم تكن محصنة ، غير أن المخرج منهما مختلف ؛ فإذا قذف أجنبياً يقام الحدُّ عليه ، إلا أن يقيم أربعة من الشهود على زناها ، أو يقرَّ به المقذوف فيسقط عنه حد القذف ، وفي الزوجة إذا وجد أحد هذين أو لاعَنَ يسقط عنه الحد ، فاللعان في قذف الزوجة بمنزلة البينة ، لأن الرجل إذا رأى مع امرأته رجلاً ربما لا يمكنه إقامة البينة عليه ولا يمكنه الصبر على العار ، فجعل الله اللعان حجة له على صدقه ، فقال تعالى : { فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَـٰدَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } ، وإذا أقام الزوج البينة على زناها أو اعترفت بالزنا سقط عنه الحد واللعان ، إلان أن يكون هناك ولد يريد نفيه فله أن يلاعن لنفيه . وإذا أراد الإِمام أن يلاعن بينهما يبدأ فيقيم الرجل ويلقنه كلمات اللعان ، فيقول : قل أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به فلانة بالزنا ، وإن كان قد رماها برجل بعينه سماه بعينه باللعان ، وإن رماها بجماعة سماهم ، ويقول الزوج كما يلقنه الإِمام وإن كان ولد أو حَمْل يريد نفيه يقول : وإن هذا الولد أو الحمل لمن الزنا وما هو مني ، ويقول في الخامسة : عليَّ لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما رميت به فلانة ، وإذا أتى بكلمة منها من غير تلقين الحاكم لا تكون محسوبة ، فإذا فرغ الرجل من اللعان وقعت الفرقة بينه وبين زوجته وحرمت عليه على التأبيد ، وانتفى عنه النسب وسقط عنه حد القذف ، ووجب على المرأة حد الزنا ، إن كانت محصنة ترجم ، وإن كانت غير محصنة تجلد وتغرب ، فهذه خمسة أحكام تتعلق كلها بلعان الزوج .