Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 5-6)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ، اختلف العلماء في قبول شهادة القاذف بعد التوبة ، وفي حكم هذا الاستثناء : فذهب قوم إلى أن القاذف ترد شهادته بنفس القذف ، وإذا تاب وندم على ما قال وحسنت حالته قُبلت شهادته ، سواء تاب بعد إقامة الحدّ عليه أو قبله ، لقوله تعالى : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ } ، وقالوا : الاستثناء يرجع إلى الشهادة وإلى الفسق ، فبعد التوبة تقبل شهادته ويزول عنه اسم الفسق ، يروى ذلك عن ابن عباس وعمر ، وهذا قول سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وطاووس وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والشعبي وعكرمة وعمر بن عبد العزيز والزهري وبه قال مالك والشافعي . وذهب قوم إلى أن شهادة المحدود في القذف لا تقبل أبداً وإن تاب ، وقالوا : الاستثناء يرجع إلى قوله : { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ } ، وهو قول النخعي وشريح وأصحاب الرأي ، وقالوا : بنفس القذف لا ترد شهادته ما لم يحدّ . قال الشافعي : وهو قبل أن يُحَدَّ شر منه حين يحد ، لأن الحدود كفارات ، فكيف يردونها في أحسن حاليه ويقبلونها في شر حاليه . وذهب الشعبي إلى أن حد القذف يسقط بالتوبة ، وقال : الاستثناء يرجع إلى الكل . وعامة العلماء على أنه لا يسقط بالتوبة إلا أن يعفو عنه المقذوف فيسقط كالقصاص يسقط بالعفو ، ولا يسقط بالتوبة . فإن قيل إذا قبلتم شهادته بعد التوبة فما معنى قوله { أَبَداً } ؟ . قيل : معناه لا تقبل شهادته أبداً ما دام هو مُصِرًّاً على قذفه ، لأن أبد كل إنسان مدته على ما يليق بحاله . كما يقال : لا تقبل شهادة الكافر أبداً : يراد ما دام كافراً . قوله عزّ وجلّ : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَٰجَهُمْ } ، أي : يقذفون نساءهم ، { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ } ، يشهدون على صحة ما قالوا ، { إِلاَّ أَنفُسُهُمْ } ، أي : غير أنفسهم ، { فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَـٰدَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } ، قرأ حمزة والكسائي وحفص " أربع شهادات " برفع العين على خبر الابتداء ، أي : فشهادة أحدهم التي تدرأ الحد أربع شهادات ، وقرأ الآخرون بالنصب أي : فشهادة أحدهم أن يشهد أربع شهادات بالله إنَّه لمن الصادقين .