Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 39-47)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ ٱلأَمْثَالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً } ، أي : الأشباه في إقامة الحجة عليهم ، فلم نهلكهم إلا بعد الإِنذار ، { وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً } ، أي أهلكنا إهلاكاً . وقال الأخفش : كسرنا تكسيراً . قال الزجاج : كل شيء كسرتَه وفتّتَه فقد تبّرتَه . { وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِىۤ أُمْطِرَتْ مَطَرَ ٱلسَّوْءِ } ، يعني الحجارة ، وهي قريات قوم لوط ، وكانت خمس قرى ، فأهلك الله أربعاً منها ، ونجت واحدة ، وهي أصغرها ، وكان أهلها لا يعملون العمل الخبيث ، { أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا } ، إذا مروا بهم في أسفارهم فيعتبروا ويتفكروا لأنّ مدائن قوم لوط كانت على طريقهم عند ممرهم إلى الشام ، { بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ } ، لا يخافون ، { نُشُوراً } بعثاً . قوله عزّ وجلّ : { وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ } ، يعني : ما يتخذونك ، { إِلاَّ هُزُواً } ، أي : مهزوءاً به ، نزلت في أبي جهلٍ ، كان إذا مرّ بأصحابه على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مستهزئاً : { أَهَـٰذَا ٱلَّذِى بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } ؟ ! { إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا } ، أي : قد قارب أن يضلنا ، { عَنْ ءَالِهَتِنَا لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا } ، أي : لو لم نصبر عليها لصرفنا عنها ، { وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً } ، من أخطأ طريقاً . { أَرَءَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } ، وذلك أن الرجل من المشركين كان يعبد الحجر فإذا رأى حجراً أحسن منه طرح الأول وأخذ الآخر فعبده . وقال ابن عباس : أرأيت من ترك عبادة الله وخالقه ثم هوى حجراً فعبده ما حاله عندي ، { أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } ، أي : حافظاً ، يقول أفأنت عليه كفيل تحفظه من اتباع هواه وعبادة ما يهوى من دون الله ؟ أي لست كذلك . قال الكلبي : نسختها آية القتال . { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ } ما تقول سماع طالب الإِفهام ، { أَوْ يَعْقِلُونَ } ، ما يعاينون من الحجج والإِعلام ، { إِنْ هُمْ } ، ما هم { إِلاَّ كَٱلاَْنْعَـٰمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } ، لأن البهائم تهتدي لمراعيها ومشاربها وتنقاد لأربابها الذين يتعهدونها ، وهؤلاء الكفار لا يعرفون طريق الحق ، ولا يطيعون ربَّهم الذي خلقهم ورزقهم ، ولأن الأنعام تسجد وتسبح لله وهؤلاء الكفار لا يفعلون . قوله عزّ وجلّ : { أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ } ، معناه ألم ترَ إلى مَدِّ ربِّك الظلَّ ، وهو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، جعله ممدوداً لأنه ظل لا شمس معه ، كما قال : « في ظل الجنة » ، { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } [ الواقعة : 30 ] إذ لم يكن معه شمس . { وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً } ، دائماً ثابتاً لا يزول ولا تذهبه الشمس . قال أبو عبيدة : " الظل " ما نسخته الشمس ، وهو بالغداة و " الفيء " : ما نسخ الشمس ، وهو بعد الزوال ، سُمي فيئاً لأنه فاء من جانب المشرق إلى جانب المغرب ، { ثُمَّ جَعَلْنَا ٱلشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً } ، يعني على الظل . ومعنى دلالتها عليه أنه لو لم تكن الشمس لما عرف الظل ، ولولا النور لما عرفت الظلمة ، والأشياء تعرف بأضدادها . { ثُمَّ قَبَضْنَـٰهُ } يعني الظل ، { إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً } ، بالشمس التي تأتي عليه ، و " القبض " : جمع المنبسط من الشيء ، معناه أن الظل يعم جميع الأرض قبل طلوع الشمس ، فإذا طلعت الشمس قبض الله الظلَّ جزءاً فجزءاً " قبضاً يسيراً " ، أي خفياً . { وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ لِبَاساً } ، أي : ستراً تستترون به ، يريد أن ظلمته تغشى كل شيء ، كاللباس الذي يشتمل على لابسه ، { وَٱلنَّوْمَ سُبَاتاً } ، راحةً لأبدانكم وقطعاً لعملكم ، وأصل " السبت " : القطع ، والنائم مسبوت لأنه انقطع عمله وحركته . { وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُوراً } ، أي : يقظة وزماناً تنتشرون فيه لابتغاء الرزق وتنتشرون لأشغالكم .