Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 7-12)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ } يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم ، { يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ } ، كما نأكل نحن ، { وَيَمْشِى فِى ٱلأَسْوَاقِ } ، يلتمس المعاش كما نمشي ، فلا يجوز أن يمتاز عنّا بالنبوة ، وكانوا يقولون له : لست أنت بمَلَك ولا بِملِك ، لأنك تأكل والمَلَك لا يأكل ، ولست بملِك لأن الملِك لا يتسوق ، وأنت تتسوق وتتبذل . وما قالوه فاسد ؛ لأن أكله الطعام لكونه آدمياً ، ومشيه في الأسواق لتواضعه ، وكان ذلك صفة له ، وشيءٌ من ذلك لا ينافي النبوة . { لَوْلاۤ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ } ، فيصدقه ، { فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً } ، داعياً . { أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ } أي : ينزل عليه كنز من السماء ينفقه ، فلا يحتاج إلى التردد والتصرف في طلب المعاش ، { أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ } ، بستان ، { يَأْكُلُ مِنْهَا } ، قرأ حمزة والكسائي : « نأكل » بالنون أي : نأكل نحن منها ، { وَقَالَ ٱلظَّـٰلِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } ، مخدوعاً . وقيل : مصروفا عن الحق . { ٱنظُرْ } يا محمد ، { كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَـٰلَ } ، يعني الأشباه ، فقالوا : مسحور ، محتاج ، وغيره ، { فَضَلُّواْ } ، عن الحق ، { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً } ، إلى الهدى ومخرجاً عن الضلالة . { تَبَارَكَ ٱلَّذِىۤ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذٰلِكَ } ، الذي قالوا : أو أفضل من الكنز والبستان الذي ذكروا ، وروى عكرمة عن ابن عباس قال : يعني خيراً من المشي في الأسواق والتماس المعاش . ثم بيّن ذلك الخير فقال : { جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً } ، بيوتاً مشيدة ، والعرب تسمي كل بيت مشيّد قصراً ، وقرأ ابن كثير ، وابن عامر ، وعاصم برواية أبي بكر : " ويجعلُ " برفع اللام ، وقرأ الآخرون بجزمها على محل الجزاء في قوله : { إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ } . أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الكشميهني ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحارث ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي ، أخبرنا عبد الله بن محمود ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن يحيى بن أيوب ، حدثني عبيد الله بن زحر ، عن علي بن زيد ، عن القاسم أبي عبد الرحمن ، عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عرض عليّ ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهباً فقلت : لا يا رب ، ولكن أشبع يوماً وأجوع يوماً ، و قال ثلاثاً أو نحو هذا ، فإذا جعت تضرعتُ إليك وذكرتُك ، وإذا شبعتُ حمدتُك وشكرتُك " . حدثنا أبو طاهرٍ المطهَّرُ بن علي بن عبيد الله الفارسيُّ ، أخبرنا أبو ذر محمد بن إبراهيم الصالحاني ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخ ، أخبرنا أبو يعلى ، حدثنا محمد بن بكار ، حدثنا أبو معشر عن سعيد يعني المقبري ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " « لو شئتُ لسارت معي جبال الذهب ، جاءني مَلَكٌ أن حُجْزَتَهُ لتساوي الكعبة ، فقال : إن ربك يقرأ عليك السلام ، ويقول إن شئتَ نبياً عبداً ، وإن شئت نبياً مَلِكاً فنظرت إلى جبريل فأشار إليّ أنْ ضَعْ نفسك ، فقلت : نبياً عبداً » قالت : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم بعد ذلك لا يأكل متكئاً يقول : « آكل كما يأكل العبد , وأجلس كما يجلس العبد » " . قوله عزّ وجلّ : { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِ } بالقيامة ، { وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيراً } ، ناراً مستعرة . { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } ، قال الكلبيّ والسدي : من مسيرة عام . وقيل : من مسيرة مائة سنة . وقيل : خمسمائة سنة . وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ بين عيني جهنّم مقعداً " . قالوا : وهل لها من عينين ؟ قال : نعم ألم تستمعوا قول الله تعالى : { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } . وقيل إذا رأتهم زبانيتها . { سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً } غلياناً , كالغضبان إذا غَلَى صدره من الغضب . { وَزَفِيراً } صوتاً . فإن قيل : كيف يسمع التغيظ ؟ قيل : معناه رأوا وعلموا أن لها تغيظاً وسمعوا لها زفيراً ، كما قال الشاعر : @ ورأيتُ زوجَكِ في الوَغَى مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحاً @@ أي وحاملاً رمحاً . وقيل : سمعوا لها تغيظاً ، أي : صوت التغيظ من التلهب والتوقد ، قال عبيد بن عمير : تزفر جهنم يوم القيامة زفرة فلا يبقى مَلَك مقرَّب ولا نبي مرسل إلا خرَّ لوجهه .