Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 15-15)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ } ، يعني : دخل موسى المدينة . قال السدي : هي مدينة " منف " من أرض مصر . وقال مقاتل : كانت قرية " حابين " على رأس فرسخين من مصر . وقيل : مدينة " عين الشمس " ، { عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا } ، وهو وقت القائلة واشتغال الناس بالقيلولة . وقال محمد بن كعب القرظي : دخلها فيما بين المغرب والعشاء . واختلفوا في السبب الذي من أجله دخل المدينة في هذا الوقت ؛ قال السدي : وذلك أن موسى عليه السلام كان يُسمى ابن فرعون ، فكان يركب مراكب فرعون ويلبس مثل ملابسه ، فركب فرعون يوماً وليس عنده موسى ، فلما جاء موسى قيل له إن فرعون قد ركب ، فركب في أثره فأدركه المقبل بأرض " منف " فدخلها نصف النهار ، وليس في طرفها أحد ، فذلك قوله عزّ وجلّ : { وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا } . قال ابن إسحاق : كان لموسى شيعة من بني إسرائيل يستمعون منه ويقتدون به ، فلما عرف ما هو عليه من الحق رأى فراق فرعون وقومه ، فخالفهم في دينه حتى ذكر ذلك منه وخافوه وخافهم ، فكان لا يدخل قرية إلا خائفاً مستخيفاً ، فدخلها يوماً على حين غفلة من أهلها . وقال ابن زيد : لما علا موسى فرعونَ بالعصا في صغره ، فأراد فرعون قتله فقالت امرأته : هو صغير ، فترك قتله وأمر بإخراجه من مدينته فلم يدخل عليهم إلا بعد أن كبر وبلغ أشده فدخل المدينة على حين غفلة من أهلها ، يعني : عن ذكر موسى ، أي من بعد نسيانهم خبره وأمره لبعد عهدهم به . وروي عن علي في قوله : " حين غفلة " كان يوم عيد لهم قد اشتغلوا بلهوهم ولعبهم . { فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ } ، يختصمان ويتنازعان ، { هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ } ، من بني إسرائيل { وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ } ، من القبط ، قيل : الذي كان من شيعته السامري ، والذي من عدوه من القبط ، قيل : طباخ فرعون اسمه فليثون . وقيل : " هذا من شيعته . وهذا من عدوه " أي : هذا مؤمن وهذا كافر ، وكان القبطي يسخّر الإِسرائيلي ليحمل الحطب إلى المطبخ . قال سعيد بن جبير عن ابن عباس : لما بلغ موسى أشده لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني إسرائيل بظلم حتى امتنعوا كل الامتناع ، وكان بنو إسرائيل قد عزوا بمكان موسى ، لأنهم كانوا يعلمون أنه منهم ، فوجد موسى رجلين يقتتلان أحدهما من بني إسرائيل والآخر من آل فرعون ، { فَٱسْتَغَـٰثَهُ ٱلَّذِى مِن شِيعَتِهِ عَلَى ٱلَّذِى مِنْ عَدُوِّهِ } ، فاستغاثه الإِسرائيلي على الفرعوني ، والاستغاثة : طلب الغوث ، فغضب موسى واشتد غضبه ؛ لأنه تناوله وهو يعلم منزلة موسى من بني إسرائيل وحفظه لهم ، ولا يعلم الناس إلا أنه من قبل الرضاعة من أم موسى ، فقال للفرعوني : خلِّ سبيله ، فقال : إنما أخذته ليحمل الحطب إلى مطبخ أبيك ، فنازعه ، فقال الفرعوني : لقد هممت أن أحمله عليك ، وكان موسى قد أُتي بسطة في الخلق وشدة في القوة والبطش ، { فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ } ، وقرأ ابن مسعود « فلكزه موسى » ، ومعناهما واحد ، وهو الضرب بجميع الكف . وقيل : " الوكز " الضرب في الصدر و " اللكز " في الظهر . وقال الفراء : معناهما واحد ، وهو الدفع ، قال أبو عبيدة : الوكز الدفع بأطراف الأصابع ، وفي بعض التفاسير : عقد موسى ثلاثاً وثمانين وضربه في صدره ، { فَقَضَىٰ عَلَيْهِ } ، أي : فقتله وفرغ من أمره ، وكل شيء فرغت منه فقد قضيته وقضيت عليه ، فندم موسى عليه ولم يكن قصدُه القتل ، فدفنه في الرمل ، { قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَـٰنِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ } ، أي بيّن الضلالة .