Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 1-4)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الۤـمۤ أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ } أظَنَّ الناسُ ، { أَن يُتْرَكُوۤاْ } ، بغير اختبار ولا ابتلاء ، { أَن يَقُولُوۤاْ } , أي : بأن يقولوا ، { ءَامَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ } ، لا يبتلون في أموالهم وأنفسهم ؟ كلا لنختبرنهم ليتبَّين المخلص من المنافق والصادق من الكاذب . واختلفوا في سبب نزول هذه الآية . قال الشعبي : نزلت في أناس كانوا بمكة قد أقروا بالإِسلام ، فكتب إليهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه لا يقبل منكم إقرار بالإِسلام حتى تهاجروا ، فخرجوا عامدين إلى المدينة فاتبعهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا ، فأنزل الله هاتين الآيتين . وكأن ابن عباس رضي الله عنهما قال : وأراد الناس الذين آمنوا بمكة سلمة بن هشام ، وعياش بن ربيعة ، والوليد بن الوليد ، وعمار بن ياسر وغيرهم . وقال ابن جريج : نزلت في عمار بن ياسر كان يعذب في الله عزّ وجلّ . وقال مقاتل : نزلت في مِهْجَع بن عبد الله مولى عمر ، كان أول قتيل من المسلمين يوم بدر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " سيد الشهداء مهجع ، وهو أول من يدعى إلى باب الجنة من هذه الأمة " ، فجزع أبواه وامرأته فأنزل الله فيهم هذه الآية . وقيل : { وَهُمْ وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ } بالأوامر والنواهي ، وذلك أن الله تعالى أمرهم في الابتداء بمجرد الإِيمان ، ثم فرض عليهم الصلاة ، والزكاة ، وسائر الشرائع ، فشقّ على بعضهم ، فأنزل الله هذه الآية ، ثم عزّاهم فقال : { وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } ، يعني الأنبياء والمؤمنون ، فمنهم من نُشِرَ بالمنشار ومنهم من قتل ، وابتلي بنو إسرائيل بفرعون فكان يسومهم سوء العذاب / ، { فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ } ، في قولهم آمنَّا ، { وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَـٰذِبِينَ } ، والله أعلم بهم قبل الاختبار . ومعنى الآية : وليظهرنّ الله الصادقين من الكاذبين حتى يُوجِدَ معلومَه ، وقال مقاتل : فليرينّ الله . وقيل : ليميّزن الله كقوله : { لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ } [ الأنفال : 37 ] . { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ } ، يعني الشرك ، { أَن يَسْبِقُونَا } ، يُعْجزونا ويفوتونا ، فلا نقدر على الانتقام منهم ، { سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } ، أي بئس ما حكموا حين ظنوا ذلك .