Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 5-8)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ ٱللَّهِ } , قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، ومقاتل : من كان يخشى البعث والحساب . والرجاء بمعنى الخوف ، وقال سعيد بن جبير رضي الله عنه : من كان يطمع في ثواب الله ، { فَإِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ لآتٍ } ، يعني : ما وعد الله من الثواب والعقاب . وقال مقاتل : يعني يوم القيامة لكائن . ومعنى الآية أن من يخشى الله أو يأمله فليستعدّ له ، وليعمل لذلك اليوم ، كما قال : { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَـٰلِحاً } [ الكهف : 110 ] الآية ، { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } . { وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَـٰهِدُ لِنَفْسِهِ } , له ثوابه ، و " الجهاد " : هو الصبر على الشدة ، ويكون ذلك في الحرب ، وقد يكون على مخالفة النفس . { إِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ } ، عن أعمالهم وعباداتهم . { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } ، لنبطلنّها ، يعني : حتى تصير بمنزلة ما لم يُعْمل ، والتكفير إذهاب السيئة بالحسنة ، { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ ٱلَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، أي : بأحسن أعمالهم وهو الطاعة ، وقيل : نعطيهم أكثر مما عملوا وأحسن ، كما قال : { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } [ الأنعام : 160 ] . قوله عزّ وجلّ : { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } ، أي : براً بهما وعطفاً عليهما ، معناه : ووصيّنا الإِنسان أن يفعل بوالديه ما يحسن . نزلت هذه الآية والتي في سورة لقمان [ الآية 15 ] ، والأحقاف [ الآية 15 ] ، في سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه - وهو سعد بن مالك أبو إسحاق الزهري ، وأمه حمنة بنت أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس - لما أسلم ، وكان من السابقين الأولين وكان باراً بأمه قالت له أمه : ما هذا الدين الذي أحدثت ؟ والله لا آكل ولا أشرب حتى ترجع إلى ما كنتَ عليه ، أو أموت فتعيّر بذلك أبد الدهر ، ويقال : يا قاتل أمه . ثم إنها مكثت يوماً وليلة لم تأكل ولم تشرب ولم تستظل فأصبحت وقد جهدت ، ثم مكثت يوماً آخر وليلة لم تأكل ولم تشرب ، فجاء سعد إليها وقال : يا أماه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني فكلي ، وإن شئت فلا تأكلي ، فلما أيست منه أكلت وشربت ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وأمره بالبر بوالديه والإِحسان إليهما وأن لا تطعهما في الشرك ، فذلك قوله عزّ وجلّ : { وَإِن جَـٰهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ } . وجاء في الحديث : " لا طاعة لمخلوق في معصية الله " ثم أوعد بالمصير إليه فقال : { إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ، أخبركم بصالح أعمالكم وسيئها فأجازيكم عليها .