Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 111-113)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى } ، قالا مقاتل : إن رؤوس اليهود عمدُوا إلى مَنْ آمن منهم عبد الله ابن سلام وأصحابه ، فآوذهم فأنزل الله تعالى : « لن يضروكم إلا أذى » يعني لا يضروكم أيها المؤمنون هؤلاء اليهود إلا أذىً باللسان : وَعيداً وطعناً ، وقيل : كلمة كفر تتأذون بها { وَإِن يُقَـٰتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدْبَارَ } ، منهزمين ، { ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } ، بل يكون لكم النصر عليهم . { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوۤاْ } ، حيثُ ما وُجدوا { إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ ٱللَّهِ } يعني : أينما وُجدوا استُضعفُوا وقُتلوا وسُبُوا فلا يأمنُون إلا بحبلٍ من الله : عهدٍ منَ الله تعالى بأن يسلموا ، { وَحَبْلٍ مِّنَ ٱلنَّاسِ } من المؤمنين ببذلِ جزيةٍ أو أمانٍ ، يعني : إلا أن يُعصمُوا بحبل الله فيأمنوا . قوله تعالى : { وَبَآءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ } ، رجعوا به ، { وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلْمَسْكَنَةُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْاْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ } . قوله تعالى : { لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ } قال ابن عباس رضي الله عنهما ومقاتل : لما أسلم عبد الله بن سلام وأصحابه ، قالت أحبار اليهود : ما آمن بمحمد صلّى الله عليه وسلم إلا شرارُنا ولولا ذلك ما تركوا دين آبائهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . واختلفوا في وجهها فقال قوم : فيه اختصار تقديره : ليسوا سواء من أهل الكتاب أمةٌ قائمة وأخرى غير قائمة ، فتركَ الأخرى اكتفاءً بذكر أحد الفريقين ، وقال الآخرون : تمام الكلام عند قوله { لَيْسُواْ سَوَآءً } وهو وقف لأنه قد جرى ذكر الفريقين من أهل الكتاب في قوله تعالى : { مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ } [ ثم قال : { لَيْسُواْ سَوَآءً } يعني : المؤمنين والفاسقين ] ، ثم وصف الفاسقين ، فقال : { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى } ووصف المؤمنين بقوله { أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ } . وقيل : قوله { مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ } ابتداء بكلام آخر ، لأن ذكر الفريقين قد جرى ، ثم قال : ليس هذان الفريقان سواءً ، ثم ابتدأ فقال : من أهل الكتاب . قال ابن مسعود رضي الله عنه معناه : لا يستوي اليهود وأمة محمد صلّى الله عليه وسلم القائمة بأمر الله الثابتة على الحق ، المستقيمة ، وقوله تعالى : { أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ } قال ابن عباس : أي مهتدية قائمة على أمر الله لم يضيّعُوه ولم يتركوه . وقال مجاهد : عادلة . وقال السدي : مطيعة قائمة على كتاب الله وحدوده ، وقيل : قائمة في الصلاة . وقيل : الأمة الطريقة . ومعنى الآية : أي ذو أُمةٍ ، أي : ذَو طريقةٍ مستقيمة . { يَتْلُونَ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ } ، يقرؤون كتابَ الله ، وقال مجاهد : يتبعون { ءَانَآءَ ٱللَّيْلِ } ، ساعاته ، واحدها : إنيٌ مثل نحى وأنحاء ، وإنىً وآناء مثل : مِعَىً وأمعاء ، وإِنى مثل منا وأمناء . { وَهُمْ يَسْجُدُونَ } أي : يصلون ، لأن التلاوة لا تكون في السجود . واختلفوا في معناها ، فقال بعضهم : هي في قيام الليل ، وقال ابن مسعود هي صلاة العتمة يصلونها ولا يصليها من سواهم من أهل الكتاب . وقال عطاء : « ليسوا سواءً منْ أهلِ الكتابِ أمة قائمة » ليسوا سواءً منْ أهلِ الكتابِ أمةٌ قائمة الآية يريد : أربعين رجلاً من أهل نجران من العرب واثنين وثلاثين من الحبشة وثمانية من الروم كانوا على دين عيسى وصدّقوا محمداً صلّى الله عليه وسلم ، وكان من الأنصار فيهم عدة قبل قدوم النبي صلّى الله عليه وسلم ، منهم أسعد بن زرارة والبراء بن مَعْرُور ومحمد بن سلمة ومحمود ابن مسلمة وأبو قيس صرمة بن أنس ، كانوا موحدين يغتسلون من الجنابة ويقومون بما عرفوا من شرائع الحنيفية حتى جاءهم الله تعالى بالنبي صلّى الله عليه وسلم فصدقوه ونصروه .