Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 55-55)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } اختلفوا في معنى التوفي هاهنا ، قال الحسن والكلبي ، وابن جريج : إني قابضك ورافعك من الدنيا إليَّ من غير موت ، يدل عليه قوله تعالى : { فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى } [ المائدة : 117 ] أي قبضتني إلى السماء وأنا حي ، لأن قومه إنما تنصروا بعد رفعه إلى السماء لا بعد موته ، فعلى هذا للتوفي تأويلان ، أحدهما : إني رافعك إلي وافياً لم ينالوا منك شيئاً ، من قولهم توفيت كذا واستوفيته إذا أخذته تاماً ، والآخر : إني [ متسلمك ] من قولهم توفيت منه كذا أي تسلمته ، وقال الربيع بن أنس : المراد بالتوفي النوم [ وكل ذي عين نائم ] وكان عيسى قد نام فرفعه الله نائماً إلى السماء ، معناه : إني منومك ورافعك إلي كما قال الله تعالى : { وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِٱللَّيْلِ } [ الأنعام : 60 ] أي ينيمكم . وقال بعضهم : المراد بالتوفي الموت ، وروى [ عن ] علي بن طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن معناه : أني مميتك يدل عليه قوله تعالى : { قُلْ يَتَوَفَّـٰكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ } [ السجدة : 11 ] فعلى هذا له تأويلان : أحدهما ما قاله وهب : توفى الله عيسى ثلاث ساعات من النهار ثم رفعه الله إليه ، وقال محمد بن إسحاق : إن النصارى يزعمون أن الله تعالى توفاه سبع ساعات من النهار ثم أحياه ورفعه ، والآخر ما قاله الضحاك وجماعة : إن في هذه الآية تقديماً وتأخيراً معناه أني رافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك بعد إنزالك من السماء . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أخبرنا أبو القاسم عبد الله ابن محمد بن عبد العزيز البغوي ، أخبرنا علي بن الجعد ، أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عادلاً يكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد " . ويروى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم في نزول عيسى عليه السلام قال : " وتهلك في زمانه الملل كلها إلا الإِسلام ، ويهلك الدجال فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون " . وقيل للحسين بن الفضل هل تجد نزول عيسى في القرآن ؟ قال نعم : ( وكهلاً ) ولم يكتهل في الدنيا وإنما معناه وكهلاً بعد نزوله من السماء . قوله تعالى : { وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } أي مخرجك من بينهم ومنجيك منهم { وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } قال قتادة والربيع والشعبي ومقاتل والكلبي : هم أهل الإِسلام الذين صدقوه واتبعوا دينه في التوحيد من أمة محمد صلّى الله عليه وسلم فهم فوق الذين كفروا ظاهرين قاهرين بالعزة والمنعة والحجة ، وقال الضحاك : يعني الحواريين فوق الذين كفروا ، وقيل : هم أهل الروم ، وقيل : أراد بهم النصارى فهم فوق اليهود إلى يوم القيامة ، فإن اليهود قد ذهب ملكهم ، وملك النصارى دائم إلى قريب من قيام الساعة ، فعلى هذا يكون الاتباع بمعنى الادعاء والمحبة لا اتباع الدين . { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } في الآخرة { فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } من أمر الدين وأمر عيسى .