Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 45-50)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عزّ وجلّ : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَـٰكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } , أي : شاهداً للرسل بالتبليغ ، ومبشراً لمن آمن بالجنة ، ونذيراً لمن كذب بآياتنا بالنار . { وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ } ، إلى توحيده وطاعته ، { بِإِذْنِهِ } ، بأمره ، { وَسِرَاجاً مُّنِيراً } ، سماه سراجاً لأنه يهتدى به كالسراج يستضاء به في الظلمة . { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ فَضْلاً كِبِيراًَ } . { ولاَ تُطِعِ ٱلْكَـٰفِرِينَ وَٱلْمُنَـٰفِقِينَ } ، ذكرنا تفسيره في أول السورة ، { وَدَع أذاهم } ، قال ابن عباس وقتادة : اصبر على أذاهم . وقال الزجاج : لا تجازهم عليه وهذا منسوخ بآية القتال . { وَتَوَكَّلْ عَلَىٰ ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } ، حافظاً . قوله عزّ وجلّ : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِذَا نَكَحْتُمُ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ } ، فيه دليل على أن الطلاق قبل النكاح غير واقع لأن الله تعالى رتب الطلاق على النكاح ، حتى لو قال لامرأة أجنبية : إذا نكحتك فأنت طالق ، وقال : كل امرأة أنكِحُها فهي طالق ، فنكح ، لا يقع الطلاق . وهو قول علي ، وابن عباس ، وجابر ، ومعاذ ، وعائشة ، وبه قال سعيد بن المسيب ، وعروة ، وشريح وسعيد بن جبير ، والقاسم وطاووس ، والحسن ، وعكرمة ، وعطاء ، وسليمان بن يسار ، ومجاهد ، والشعبي ، وقتادة ، وأكثر أهل العلم رضي الله عنهم ، وبه قال الشافعي . وروي عن ابن مسعود : أنه يقع الطلاق ، وهو قول إبراهيم النخعي ، وأصحاب الرأي . وقال ربيعة ، ومالك ، والأوزاعي : إن عيّن امرأة يقع ، وإن عمّ فلا يقع . وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال : كذبوا على ابن مسعود ، إن كان قالها فزلة من عالم في الرجل يقول : إن تزوجت فلانة فهي طالق ، يقول الله تعالى : { إِذَا نَكَحْتُمُ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ } ، ولم يقل إذا طلقتموهن ثم نكحتموهن . أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا الحسين بن محمد الديموري ، أخبرنا عمر بن أحمد بن القاسم النهاوندي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري بمكة ، أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا أيوب بن سويد ، أخبرنا ابن أبي ذئب عن عطاء ، عن جابر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا طلاق قبل النكاح " . قوله عزّ وجلّ : { مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ } ، تجامعوهن ، { فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا } ، تحصونها بالأقراء والأشهر ، { فَمَتِّعُوهُنَّ } ، أي : أعطوهنّ ما يستمتعن به . قال ابن عباس : هذا إذا لم يكن سمى لها صداقاً فلها المتعة فإن كان قد فرض لها صداقاً فلها نصف الصداق ولا متعة لها . وقال قتادة : هذه الآية منسوخة بقوله : { فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } [ البقرة : 237 ] . وقيل : هذا أمر ندب ، فالمتعة مستحبة لها مع نصف المهر . وذهب بعضهم إلى أنها تستحق المتعة بكل حال لظاهر الآية . { وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } ، خلوا سبيلهن بالمعروف من غير ضرار . قوله عزّ وجلّ : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَٰجَكَ ٱللاَّتِىۤ ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ } , أي : مهورهن ، { وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ } ، ردّ عليك من الكفار بأن تسبي فتملك مثل صفية وجويرية ، وقد كانت مارية مما ملكت يمينه فولدت له إبراهيم ، { وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّـٰتِكَ } ، يعني : نساء قريش ، { وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَـٰلَٰـتِكَ } ، يعني : نساء بني زهرة ، { ٱللاَّتِى هَاجَرْنَ مَعَكَ } ، إلى المدينة فمن لم تهاجر منهن معه لم يجز له نكاحها . وروى أبو صالح عن أم هانىء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة خطبني فأنزل الله هذه الآية فلم أحل له ، لأني لم أكن من المهاجرات وكنت من الطلقاء ، ثم نسخ شرط الهجرة في التحليل . { وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِىِّ إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِىُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، أي أحللنا لك امرأة مؤمنة وهبت نفسها لك بغير صداق ، فأما غير المؤمنة فلا تحل له إذا وهبت نفسها منه . واختلفوا في أنه هل كان يحل للنبي صلى الله عليه وسلم نكاح اليهودية والنصرانية بالمهر ؟ فذهب جماعة إلى أنه كان لا يحل له ذلك ، لقوله : { وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً } ، وأوّل بعضهم الهجرة في قوله : { ٱللاَّتِى هَاجَرْنَ مَعَكَ } على الإِسلام ، أي : أسلمن معك ، فيدل ذلك على أنه لا يحل له نكاح غير المسلمة ، وكان النكاح ينعقد [ في حقه ] بمعنى الهبة من غير ولي ولا شهود ولا مهر ، وكان ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم في النكاح لقوله تعالى : { خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، كالزيادة على الأربع ووجوب تخيير النساء كان من خصائصه ولا مشاركة لأحد معه فيه . واختلف أهل العلم في انعقاد النكاح بلفظ الهبة في حق الأمة ؟ فذهب أكثرهم إلى أنه لا ينعقد إلا بلفظ الإِنكاح أو التزويج ، وهو قول سعيد بن المسيب ، والزهري ، ومجاهد ، وعطاء ، وبه قال ربيعة ومالك والشافعي . وذهب قوم إلى أنه ينعقد بلفظ الهبة والتمليك ، وهو قول إبرهيم النخعي ، وأهل الكوفة . ومن قال لا ينعقد إلا بلفظ الإِنكاح أو التزويج اختلفوا في نكاح النبي صلى الله عليه وسلم ، فذهب قوم إلى أنه كان ينعقد في حقه بلفظ الهبة ، لقوله تعالى : { خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } . وذهب آخرون إلى أنه لا ينعقد إلا بلفظ الإِنكاح أو التزويج كما في حق الأمة لقوله عزّ وجلّ : { إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِىُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا } ، وكان اختصاصه صلى الله عليه وسلم في ترك المهر لا في لفظ النكاح . واختلفوا في التي وهبتْ نفسَها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهل كانت عنده امرأة منهن ؟ . فقال عبد الله بن عباس ، ومجاهد : لم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها منه ، ولم يكن عنده امرأة إلا بعقد نكاح أو ملك يمين ، [ وقوله : " إن وهبت نفسها " على طريق الشرط والجزاء . وقال آخرون : بل كانت عنده موهوبة . واختلفوا فيها ] فقال الشعبي : هي زينب بنت خزيمة الهلالية ، يقال لها : أم المساكين . وقال قتادة : هي ميمونة بنت الحارث . وقال علي بن الحسين ، والضحاك ومقاتل : هي أم شريك بنت جابر من بني أسد . وقال عروة بن الزبير : هي خولة بنت حكيم من بني سليم . قوله عزّ وجلّ : { قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ } ، أي : أوجبنا على المؤمنين ، { فِىۤ أَزْوَٰجِهِـمْ } ، من الأحكام أن لا يتزوجوا أكثر من أربع ولا يتزوجوا إلا بولي وشهود ومهر ، { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُهُمْ } ، أي : ما أوجبنا من الأحكام في ملك اليمين ، { لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ } ، وهذا يرجع إلى أول الآية أي : أحللنا لك أزواجك وما ملكت يمينك والموهوبة لك لكي لا يكون عليك حرج وضيق . { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } .