Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 51-51)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ تُرْجِى } ، أي : تؤخر ، { مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِىۤ } ، أي : تضم ، { إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ } ، اختلف المفسرون في معنى الآية : فأشهر الأقاويل أنه في القسم بينهن ، وذلك أن التسوية بينهن في القسم كان واجبة عليه ، فلما نزلت هذه الآية سقط عنه وصار الاختيار إليه فيهن . قال أبو رزين ، وابن زيد : نزلت هذه الآية حين غار بعض أمهات المؤمنين على النبي صلى الله عليه وسلم وطلب بعضهن زيادة النفقة ، فهجرهنّ النبي صلى الله عليه وسلم شهراً حتى نزلت آية التخيير ، فأمره الله عزّ وجلّ أن يخيرهن بين الدنيا والآخرة ، وأن يخلي سبيل من اختارت الدنيا ويمسك من اختارت الله ورسوله والدار الآخرة ، على أنهن أمهات المؤمنين ولا ينكحن أبداً ، وعلى أنه يؤوي إليه من يشاء منهن ، ويرجي من يشاء ، فيرضين به قسم لهنّ أو لم يقسم ، أو قسم لبعضهنّ دون بعض ، أو فضل بعضهنّ في النفقة والقسمة ، فيكون الأمر في ذلك إليه يفعل كيف يشاء ، وكان ذلك من خصائصه فرضين بذلك واخترنه على هذا الشرط . واختلفوا في أنه هل أخرج أحداً منهن عن القسم ؟ فقال بعضهم : لم يخرج أحداً ، بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ما جعله الله له من ذلك يسوي بينهن في القسم إلا سودة فإنها رضيت بترك حقها من القسم ، وجعلت يومها لعائشة . وقيل : أخرج بعضهن . روى جرير عن منصور عن أبي رزين قال : لما نزل التخيير أشفقن أن يطلقهن ، فقلن : يا نبي الله اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت ودَعْنا على حالنا ، فنزلت هذه الآية ، فأرجى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعضهن وآوى إليه بعضهن ، وكان ممن آوى إليه : عائشة ، وحفصة ، وزينب ، وأم سلمة ، فكان يقسم بينهنّ سواء ، وأرجى منهن خمساً : أم حبيبة ، وميمونة ، وسودة ، وصفية وجويرية ، فكان يقسم لهن ما شاء . وقال مجاهد : " ترجي من تشاء منهن " يعني : تعزل من تشاء منهن بغير طلاق ، وترد إليك من تشاء بعد العزل بلا تجديد عقد . وقال ابن عباس : تطلق من تشاء منهن وتمسك من تشاء . وقال الحسن : تترك نكاح من شئت وتنكح من شئت من نساء أمتك . وقال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب امرأة لم يكن لغيره خطبتها حتى يتركها رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقيل : تقبل من تشاء من المؤمنات اللاتي يهبن أنفسهن لك فتؤويها إليك وتترك من تشاء فلا تقبلها . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا محمد بن سلام ، أخبرنا ابن فضيل ، أخبرنا هشام عن أبيه قال : كانت خولة بنت حكيم من اللائي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم فقالت عائشة : أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل ؟ فلما نزلت : { تُرْجِى مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ } ، قلت : يا رسول الله ما أرى ربك إلاّ يسارع في هواك . قوله عزّ وجلّ : { وَمَنِ ٱبْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ } ، أي : طلبت وأردت أن تؤوي إليك امرأة ممن عزلتهن عن القسم ، { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ } لا إثم عليك ، فأباح الله له ترك القسم لهن حتى إنه ليؤخر من يشاء منهن في نوبتها ويطأ من يشاء منهن في غير نوبتها ، ويرد إلى فراشه من عزله تفضيلاً له على سائر الرجال ، { ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ } ، أي : التخيير الذي خيرتك في صحبتهن أقرب إلى رضاهن وأطيب لأنفسهن وأقل لحزنهن إذا علمن أن ذلك من الله عزّ وجلّ ، { وَيَرْضَيْنَ بِمَآ ءَاتَيْتَهُنَّ } ، أعطيتهن ، { كُلُّهُنَّ } ، من تقرير وإرجاء وعزل وإيواء ، { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِى قلُوبِكُمْ } ، من أمر النساء والميل إلى بعضهن ، { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً } .