Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 21-23)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال الله تعالى : { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَـٰنٍ } ، أي : ما كان تسليطنا إياه عليهم ، { إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِٱلأَخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِى شَكٍّ } ، أي : إلا لنعلم ، لنرى ونميز المؤمن من الكافر ، وأراد علم الوقوع والظهور ، وقد كان معلوماً عنده بالغيب ، { وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ حَفُيظٌ } ، رقيب . { قُلِ } ، يا محمد لكفار مكة ، { ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ } ، أنهم آلهة ، { مِّن دُونِ ٱللَّهِ } ، وفي الآية حذف ، أي : ادعوهم ليكشفوا الضرّ الذي نزل بكم في سني الجوع ، ثم وصفها فقال : { لاَ يَمْلِكُونَ مِثُقَالَ ذَرَّةٍ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَلاَ فِى ٱلأَرْضِ } ، من خير وشر ونفع وضر { وَمَا لَهُمْ } ، أي : للآلهة ، { فِيهِمَا } ، في السموات والأرض ، { مِنْ شِرك } ، شركة ، { وَمَا لَهُ } ، أي : وما لله ، { مِنْهُمْ مِّن ظَهِيرٍ } ، عون . { وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَـٰعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } ، الله في الشفاعة ، قاله تكذيباً لهم حيث قالوا : هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، ويجوز أن يكون المعنى إلا لمن أذن الله في أن يشفع له ، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي : { أَذِنَ } بضم الهمزة ، { حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ } ، قرأ ابن عامر ، ويعقوب بفتح الفاء والزاي ، وقرأ الآخرون بضم الفاء وكسر الزاي أي : كشف الفزع وأخرج عن قلوبهم ، فالتفزيع إزالة الفزع كالتمريض والتفريد . واختلفوا في الموصوفين بهذه الصفة ، فقال قوم : هم الملائكة ، ثم اختلفوا في ذلك السبب فقال بعضهم : إنما يفزع عن قلوبهم من غشية نصيبهم عند سماع كلام الله عزّ وجلّ . وروينا عن أبي هريرة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنه سلسلة على صفوان فإذا فزع عن قلوبهم { قَالُواْ : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ ٱلْحَقَّ وَهُوَ ٱلْعَلِىُّ ٱلْكَبِيرُ } " . أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، قال أنبأني محمد بن الفضل بن محمد ، أخبرنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، أخبرنا زكريا بن يحيى بن أبان المصري ، أخبرنا نعيم بن حماد ، أخبرنا أبو الوليد بن مسلم ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن ابن أبي زكريا ، عن رجاء بن حيوة عن النواس بن سمعان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أراد الله أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي أخذت السموات منه رجفة أو قال : رعدة شديدة خوفاً من الله تعالى ، فإذا سمع بذلك أهل السموات صعقوا وخروا لله سجداً ، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل ، فيكلمه الله من وحيه بما أراد ، ثم يمرّ جبريل على الملائكة كلما مرّ بسماء سأله ملائكتها ماذا قال ربنا يا جبريل ؟ فيقول جبريل : قال الحق وهو العلي الكبير ، قال فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل ، فينتهي جبريل بالوحي حيث أمره الله " . وقال بعضهم : إنما يفزعون حذراً من قيام الساعة . قال مقاتل والكلبي والسدي : كانت الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام ، خمسمائة وخمسين سنة ، وقيل ستمائة سنة لم تسمع الملائكة فيها وحياً ، فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالرسالة فلما سمعت الملائكة ظنوا أنها الساعة ، لأن محمداً صلى الله عليه وسلم عند أهل السموات من أشراطِ الساعة ، فصعقوا مما سمعوا خوفاً من قيام الساعة ، فلما انحدر جبريل جعل يمرّ بأهل كل سماء فيكشف عنهم فيرفعون رؤوسهم ويقول بعضهم لبعض : ماذا قال ربكم ؟ قالوا : قال الحق يعني الوحي ، وهو العلي الكبير . وقال جماعة : الموصوفون بذلك المشركون . قال الحسن وابن زيد : حتى إذا كشف الفزع عن قلوب المشركين عند نزول الموت بهم إقامة للحجة عليهم قالت لهم الملائكة ماذا قال ربكم في الدنيا ؟ قالوا : الحق فأقروا به حين لا ينفعهم الإِقرار .