Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 19-20)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَقَالُواْ رَبَّنَا بَـٰعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا } ، فاجعل بيننا وبيني الشام فلوات ومفاوز لنركب فيها الرواحل ونتزوّد الأزواد ، فعجل الله لهم الإِجابة . وقال مجاهد : بطروا النعمة وسئموا الراحة . قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : بعِّد بالتشديد من التبعيد ، وقرأ الآخرون : باعد ، بالألف ، وكلِّ على وجه الدعاء والسؤال ، وقرأ يعقوب : « ربُّنا » برفع الباء ، « باعَدَ » بفتح العين والدال على الخبر ، كأنهم استبعدوا أسفارهم القريبة وبطروا وأشروا . { وَظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ } ، بالبطر والطغيان . { فَجَعَلْنَـٰهُمْ أَحَادِيثَ } ، عبرة لمن بعدهم يتحدثون بأمرهم وشأنهم ، { وَمَزَّقْنَـٰهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ } ، فرقناهم في كل وجه من البلاد كل التفريق . قال الشعبي : لما غرقت قراهم تفرقوا في البلاد ، أما غسان فلحقوا بالشام ومرَّ الأزد إلى عمان ، وخزاعة إلى تهامة ، ومرَّ آل خزيمة إلى العراق ، والأوس والخزرج إلى يثرب ، وكان الذي قدم منهم المدينة عمرو بن عامر ، وهو جدّ الأوس والخزرج . { إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَـٰتٍ } ، لعبراً ودلالات ، { لِكُلِ صَبَّارٍ } ، عن معاصي الله ، { شَكور } ، لأنعمه ، قال مقاتل : يعني المؤمن من هذه الأمة صبورٌ على البلاء شاكرٌ للنعماء . قال مطرف : هو المؤمن إذا أُعْطِيَ شكر وإذا ابْتُلِيَ صبر . قوله عزّ وجلّ : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ } ، قرأ أهل الكوفة : « صدَّق » بالتشديد أي : ظن فيهم ظناً حيث قال : { فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [ ص : 82 ] { وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَـٰكِرِينَ } [ الأعراف : 17 ] فصدق ظنه حققه بفعله ذلك بهم واتباعهم إياه , وقرأ الآخرون بالتخفيف ، أي : صدق عليهم في ظنه بهم ، أي : على أهل سبأ . وقال مجاهد : على الناس كلهم إلا من أطاع الله ، { فَٱتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، قال السدي عن ابن عباس : يعني المؤمنين كلهم لأن المؤمنين لم يتبعوه في أصل الدين ، وقد قال الله تعالى : { إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ } [ الحجر : 42 ] ، يعني : المؤمنين . وقيل : هو خاص بالمؤمنين الذين يطيعون الله ولا يعصونه . قال ابن قتيبة : إن إبليس لما سأل النظرة فأنظره الله ، قال لأغوينّهم ولأضلنّهم ، لم يكن مستيقناً وقت هذه المقالة أن ما قاله فيهم يتم وإنما قاله ظناً ، فلما اتبعوه وأطاعوه صدق عليهم ما ظنه فيهم . قال الحسن : إنه لم يسلَّ عليهم سيفاً ولا ضربهم بسوط وإنما وعدهم ومنّاهم فاغتروا .