Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 5-8)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } ، قرأ ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، وحفص : " تنزيلَ " بنصب اللام كأنه قال نزل تنزيلاً ، وقرأ الآخرون بالرفع ، أي : هو تنزيل العزيز الرحيم . { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمْ } ، قيل : " ما " للنفي أي : لم ينذر آباؤهم ، لأن قريشاً لم يأتهم نبي قبل محمد صلى الله عليه وسلم وقيل : " ما " بمعنى الذي ، أي : لتنذر قوماً بالذي أُنذر آباؤهم ، { فَهُمْ غَـٰفِلُونَ } , عن الإيمان والرشد . { لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ } ، وجب العذاب ، { عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } ، هذا كقوله : { وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [ الزمر : 71 ] . { إِنَّا جَعَلْنَا فِىۤ أَعْنـٰقِهِمْ أَغْلَـٰلاً } ، نزلت في أبي جهل وصاحبيه المخزوميين ، وذلك أن أبا جهل كان قد حلف لئن رأى محمداً يصلي ليرضخنّ رأسه ، فأتاه وهو يصلي ومعه حجر ليدمغه ، فلما رفعه أُثبتت يده إلى عنقه ولزق الحجر بيده ، فلما عاد إلى أصحابه فأخبرهم بما رأى سقط الحجر ، فقال رجل من بني مخزوم : أنا أقتله بهذا الحجر ، فأتاه وهو يصلي ليرميه بالحجر ، فأعمى الله تعالى بصره ، فجعل يسمع صوته ولا يراه ، فرجع إلى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه فقالوا له : ما صنعت ؟ فقال : ما رأيته ، ولقد سمعت صوته وحال بيني وبينه شيء كهيئة الفحل يخطر بذنبِه ، لو دنوت منه لأكلني ، فأنزل الله تعالى : { إِنَّا جَعَلْنَا فِىۤ أَعْنـٰقِهِمْ أَغْلَـٰلاً } . قال أهل المعاني : هذا على طريق المثل ، ولم يكن هناك غل ، أراد مَنَعْنَاهم عن الإِيمان بموانع ، فجعل الأغلال مثلاً لذلك ، قال الفرَّاء : معناه إنا حبسناهم عن الإِنفاق في سبيل الله كقوله تعالى : { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ } [ الإسراء : 29 ] معناه لا تمسكها عن النفقة . { فَهِىَ إِلَىٰ ٱلاَْذْقَـٰنِ } ، " هي " كناية عن الأيدي - وإن لم يجر لها ذكر - لأن الغل يجمع اليد إلى العنق ، معناه : إنا جعلنا في أيديهم وأعناقهم أغلالاً فهي إلى الأذقان ، { فَهُم مُّقْمَحُونَ } والمقمح : الذي رفع رأسه وغض بصره ، يقال : بعيرٌ قامح إذا روى من الماء فأقمح إذا رفع رأسه وغض بصره . وقال الأزهري : أراد أن أيديهم لما غُلَّتْ إلى أعناقهم رَفَعت الأغلال أذقانهم ورؤوسهم ، فهم مرفوعو الرؤوس برفع الأغلال إياها .