Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 4-9)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَّوْ أَرَادَ ٱللهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاَّصْطَفَىٰ } , لاختار ، { مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } ، يعني : الملائكة ، كما قال : { لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ } [ الأنبياء : 17 ] ، ثم نزّه نفسه فقال : { سُبْحَـٰنَهُ } ، تنزيهاً له عن ذلك ، وعمّا لا يليق بطهارته ، { هُوَ ٱللهُ ٱلْوَٰحِدُ ٱلْقَهَّارُ } . { خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ يُكَوِّرُ ٱلَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱلَّيْلِ } ، قال قتادة : يغشي هذا هذا ، كما قال : { يُغْشِى ٱلَّيْلَ ٱلنَّهَارَ } [ الأعراف : 54 ] وقيل : يدخل أحدهما على الآخر كما قال : { يُولِجُ ٱلَّيْلَ فِى ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِى ٱلَّيْلِ } [ الحج : 61 ] . وقال الحسن ، والكلبي : ينقص من الليل فيزيد في النهار ، وينقص من النهار فيزيد في الليل ، فما نقص من الليل دخل في النهار ، وما نقص من النهار دخل في الليل ، ومنتهى النقصان تسع ساعات ، ومنتهى الزيادة خمس عشرة ساعة ، وأصل التكوير اللّف والجمع ، ومنه : كوّر العمامة . { وَسَخَّـرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُـلٌّ يَجْرِى لأَجَـلٍ مُّسَـمًّى أَلا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ } . { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ } ، يعني : آدم ، { ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } ، يعني حواء ، { وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلأَنْعَـٰمِ } ، معنى الإِنزال هاهنا : الإِحداث والإِنشاء ، كقوله تعالى : { أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَٰرِى سَوْءَٰتِكُمْ } [ الأعراف : 26 ] . وقيل : إنه أنزل الماء الذي هو سبب نبات القطن الذي يكون منه اللباس ، وسبب النبات الذي تبقى به الأنعام . وقيل : { وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلأَنْعَـٰمِ } جعلها لكم نزلاً ورزقاً . { ثَمَانِيَةَ أَزْوَٰجٍ } ، أصناف ، تفسيرها في سورة الأنعام . { يَخْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَـٰتِكُـمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ } ، نطفة ثم علقة ثم مضغة ، كما قال الله تعالى : { وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } [ نوح : 14 ] ، { فِى ظُلُمَـٰتٍ ثَلَـٰثٍ } ، قال ابن عباس : ظلمة البطن ، وظلمة الرحم ، وظلمة المشيمة ، { ذَلِكُمُ ٱللهُ } ، الذي خلق هذه الأشياء ، { رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } ، عن طريق الحق بعد هذا البيان . { إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللهَ غَنِىٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ } ، قال ابن عباس والسدي : لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر ، وهم الذين قال الله تعالى : { إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ } [ الحجر : 42 ] ، فيكون عاماً في اللفظ خاصاً في المعنى ، كقوله تعالى : { عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللهِ } [ الإنسان : 6 ] ، يريد بعض العباد ، وأجراه قوم على العموم ، وقالوا : لا يرضى لأحد من عباده الكفر ، ومعنى الآية : لا يرضى لعباده أن يكفروا به . يروى ذلك عن قتادة ، وهو قول السلف ، قالوا : كفر الكافر غير مرضيّ لله عزّ وجلّ ، وإن كان بإرادته ، { وَإِن تَشْكُرُواْ } ، تؤمنوا بربكم وتطيعوه ، { يَرْضَهُ لَكُمْ } ، فيثيبكم عليه . قرأ أبو عمرو : " يرضهْ لكم " ساكنة الهاء ، ويختلسها أهل المدينة وعاصم وحمزة ، والباقون بالإِشباع ، { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ فَيُنَبِّئُكُـمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } . { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَـٰنَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ } راجعاً إليه مستغيثاً به ، { ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ } ، أعطاه نعمة منه ، { نَسِىَ } ، ترك ، { مَا كَانَ يَدْعُوۤ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ } ، أي : نسيَ الضرَ الذي كان يدعو الله إلى كشفه ، { وَجَعَلَ للهِ أَندَاداً } ، يعني : الأوثان ، { لِّيُضِلَّ عَن سَبيلهِ } ، ليزل عن دين الله . { قُلْ } ، لهذا الكافر : { تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً } ، في الدنيا إلى أجلك ، { إِنَّكَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلنَّارِ } ، قيل : نزلت في عتبة ابن ربيعة ، وقال مقاتل : نزلت في أبي حذيفة بن المغيرة المخزومي ، وقيل : عام في كل كافر . { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ } ، قرأ ابن كثير ونافع وحمزة : " أمَنْ " بتخفيف الميم ، وقرأ الآخرون بتشديدها ، فمن شدد فله وجهان : أحدهما : أن تكون الميم في " أم " صلة ، فيكون معنى الكلام استفهاماً وجوابه محذوفاً ، مجازه : أَمَنْ هو قانتٌ كمَنْ هو غيرُ قانتٍ ؟ كقوله : { أَفَمَن شَرَحَ ٱللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلَـٰمِ } [ الزمر : 22 ] ، يعني كمن لم يشرح صدره . والوجه الآخر : أنه عطف على الاستفهام ، مجازه : الذي جعل لله أنداداً خيرٌ أمّن هو قانت ؟ ومن قرأ بالتخفيف فهو ألف استفهام دخلت على مَنْ ، معناه : أهذا كالذي جعل لله أنداداً ؟ وقيل : الألف في { أمن } بمعنى حرف النداء ، تقديره : يا من هو قانت ، والعرب تنادي بالألف كما تنادي بالياء ، فتقول : أبني فلان ويا بني فلان ، فيكون معنى الآية : قلْ تمتعْ بكفرك قليلاً إنك من أصحاب النار ، يامَنْ هو قانتٌ { ءَانَآءَ ٱلَّيْلِ } ، إنك من أهل الجنة . قاله ابن عباس . وفي رواية عطاء : نزلت في أبي بكر الصديق . وقال الضحاك : نزلت في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما . وعن ابن عمر أنها نزلت في عثمان . وعن الكلبي أنها نزلت في ابن مسعود وعمّار وسلمان . والقانت : المقيم على الطاعة . قال ابن عمر : " القنوت " قراءة القرآن وطول القيام ، و " آناء الليل " : ساعاته ، { سَـٰجِداً وَقَآئِماً } ، يعني : في الصلاة ، { يَحْذَرُ ٱلأَخِرَةَ } ، يخاف الآخرة ، { وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ } ، يعني : كمن لا يفعل شيئاً من ذلك ، { قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } ، قيل : " الذين يعلمون " عمّار ، و " الذين لا يعلمون " أبو حذيفة المخزومي ، { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَـٰبِ } .