Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 56-67)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَن تَقُولَ نَفْسٌ } ، يعني : لئلا تقول نفس ، كقوله : { وَأَلْقَىٰ فِى ٱلأَرْضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ } [ النحل : 15 ] أي : لئلا تميد بكم ، قال المبرد : أي بادرُوا واحذرُوا أن تقول نفس . وقال الزجاج : خوفَ أن تصيروا إلى حال تقولون هذا القول ، { يٰحَسْرَتَىٰ } يا ندامتا ، والتحسر الإغتمام على ما فات ، وأراد : يا حسرتي ، على الإِضافة ، لكن العرب تحول ياء الكناية ألفاً في الاستغاثة ، فتقول : يا حسرتا ويا ندامتا ، وربما ألحقوا بها الياء بعد الألف ليدل على الإِضافة ، وكذلك قرأ أبو جعفر يا ( حسرتاي ) ، وقيل : معنى قوله " يا حسرتا " يا أيتها الحسرة هذا وقتك ، { عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ ٱللهِ } ، قال الحسن : قصرت في طاعة الله . وقال مجاهد : في أمر الله . وقال سعيد بن جبير : في حق الله . وقيل : ضيعت في ذات الله . وقيل : معناه قصرت في الجانب الذي يؤدي إلى رضاء الله . والعرب تسمي الجنب جانباً . { وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّـٰخِرِينَ } ، المستهزئين بدين الله وكتابه ورسوله والمؤمنين قال قتادة : لم يكفه أن ضيع طاعة الله حتى جعل يسخر بأهل طاعته . { أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللهَ هَدَانِى لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ } ، عياناً ، { لَوْ أَنَّ لِى كَـرَّةً } ، رجعة إلى الدنيا ، { فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } ، الموحدين . ثم يقال لهذا القائل : { بَلَىٰ قَدْ جَآءَتْكَ ءَايَـٰتِى } ، يعني : القرآن ، { فَكَذَّبْتَ بِهَا } ، وقلت إنها ليست من الله ، { وَٱسْتَكْبَرْتَ } ، تكبرت عن الإيمان بها ، { وَكُنتَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } . { وَيَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللهِ } ، فزعموا أن له ولداً وشريكاً ، { وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ } ، عن الإِيمان . { وَيُنَجِّى ٱللهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ بِمَفَازَتِهِمْ } ، قرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر : " بمفازاتهم " بالألف على الجمع ، أي : بالطرق التي تؤديهم إلى الفوز والنجاة ، وقرأ الآخرون : " بمفازتهم " على الواحد لأن المفازة بمعنى الفوز ، أي : ينجيهم بفوزهم من النار بأعمالهم الحسنة . قال المبرد : المفازة مفعلة من الفوز ، والجمع حسن كالسعادة والسعادات . { لاَ يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوۤءُ } ، لا يصيبهم المكروه ، { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } . { ٱللهُ خَـٰلِقُ كُـلِّ شَىْءٍ وَهُوَ عَلَىٰ كُل شَىْءٍ وَكِيلٌ } ، أي : الأشياء كلها موكولة إليه فهو القائم بحفظها . { لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ، مفاتيح خزائن السموات والأرض ، واحدها مقلاد ، مثل مفتاح ، ومقليد مثل منديل ومناديل . وقال قتادة ومقاتل : مفاتيح السموات والأرض بالرزق والرحمة . وقال الكلبي : خزائن المطر وخزائن النبات . { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـئَايَـٰتِ ٱللهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } . قوله عزّ وجلّ : { قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللهِ تَأْمُرُونِّىۤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَـٰهِلُونَ } ؟ قال مقاتل : وذلك أن كفار قريش دعوه إلى دين آبائه . قرأ أهل الشام " تأمرونَنِي " بنونين خفيفتين على الأصل ، وقرأ أهل المدينة بنون واحدة خفيفة على الحذف ، وقرأ الآخرون بنون واحدة مشددة على الإدغام . { وَلَقَدْ أُوْحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنّ عَمَلُكَ } ، الذي عملته قبل الشرك وهذا خطاب مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، والمراد منه غيره . وقيل : هذا أدب من الله عزّ وجلّ لنبيه وتهديد لغيره ، لأن الله تعالى عصمه من الشرك . { وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } . { بَلِ ٱللهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مِّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ } ، لإنعامه عليك . قوله عزّ وجلّ : { وَمَا قَدَرُواْ ٱللهَ حَقَّ قَدْرِهِ } ، ما عظَّموه حق عظمته حين أشركوا به غيره ، ثم أخبر عن عظمته فقال : { وَٱلأَرْضُ جميعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وٱلسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سَبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا آدم ، حدثنا شيبان عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبدالله بن مسعود قال : جاء حبْرٌ من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا محمد إنَّا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والشجر على إصبع ، والماء والثرى على إصبع ، وسائر الخلق على إصبع ، فيقول : أنا الملك ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ، ثم قرأ : { وَمَا قَدَرُواْ ٱللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَٱلأَرْضُ جميعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } . ورواه مسلم بن الحجاج عن أحمد بن عبدالله بن يونس عن فضيل ابن عياض عن منصور ، وقال : " والجبال والشجر على إصبع ، وقال ثم يهزهن هزاً ، فيقول ( أنا الملك أنا الله ) " . أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرني الحسين بن فنجويه ، حدثنا عمر بن الخطاب ، حدثنا عبد الله بن الفضل ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو أسامة ، عن عمر بن حمزة ، عن سالم بن عبدالله ، أخبرني عبدالله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يطوي اللهُ السمواتِ يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ، ثم يقول : أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأرضين ثم يأخذهن بشماله ، ثم يقول : أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون " هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة . أخبرنا أبو بكر محمد بن عبدالله بن أبي توبة الكشميهني ، حدثنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، حدثنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أخبرنا عبد الله بن محمود ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبدالله بن المبارك ، عن يونس عن الزهري ، حدثني سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض " .