Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 68-73)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عزّ وجلّ : { وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ } ، ماتوا من الفزع ، وهي النفخة الأولى ، { إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللهُ } ، اختلفوا في الذين استثناهم الله عزّ وجلّ ، وقد ذكرناهم في سورة النمل ، قال الحسن : إلا من شاء الله يعني الله وحده ، { ثُمَّ نُفِخَ فيهِ } ، أي : في الصور ، { أُخْرَىٰ } ، أي : مرة أخرى ، { فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } ، من قبورهم ينتظرون أمر الله فيهم … أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد ، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بين النفختين أربعون ، قالوا : أربعون يوماً ؟ قال : « أبيت » ، قالوا : أربعون شهراً ؟ قال : « أبيت » ، قالوا : أربعون سنة ؟ قال : « أبيت » ، قال : " ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإِنسان شيء إلا يبلى إلا عظم واحد ، وهو عجب الذنب ومنه يتركب الخلق يوم القيامة " . قوله عزّ وجلّ : { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ } ، أضاءت ، { بِنُورِ رَبِّهَا } بنور خالقها ، وذلك حين يتجلى الرب لفصل القضاء بين خلقه ، فما يتضارون في نوره كما لا يتضارون في الشمس في اليوم الصحو . وقال الحسن والسدي : بعدلِ ربِّها ، وأراد بالأرض عرصات القيامة ، { وَوُضِعَ ٱلْكِتَـٰبُ } ، أي كتاب الأعمال ، { وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّينَ وَٱلشُّهَدَآءِ } ، قال ابن عباس : يعني الذين يشهدون للرسل بتبليغ الرسالة ، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم . وقال عطاء : يعني الحفظة ، يدل عليه قوله تعالى : { وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ } [ ق : 21 ] ، { وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ } ، أي : بالعدل ، { وهم لاَ يُظْلَمُونَ } ، أي : لا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم . { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ } ، أي : ثواب ما عملت ، { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } ، قال عطاء : يريد أني عالم بأفعالهم لا أحتاج إلى كاتب ولا إلى شاهد . { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ } سوقاً عنيفاً ، { زُمَراً } ، أفواجاً بعضها على إثر بعض ، كل أمة على حدة . قال أبو عبيدة والأخفش : " زمراً " أي جماعات في تفرقة ، واحدتها زمرة . { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَٰبُهَا } ، السبعة وكانت مغلقة قبل ذلك ، قرأ أهل الكوفة " فُتِحَتْ ، وفُتِحَتْ " بالتخفيف ، وقرأ الآخرون بالتشديد على التكثير { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ } ، توبيخاً وتقريعاً لهم ، { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ } ، من أنفسكم ، { يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءَايَـٰتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ } ، وجبت ، { كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } ، وهو قوله عزَّ وجلَّ : { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وٱلنَّاسِ أَجْمَعِين } [ هود : 119 ] . { قِيلَ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَٰبَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ * وَسِيقَ الذين اتقَوا ربَّهم إلى الجنة زُمَراً حَتَّىٰ إذا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَٰبُهَا } ، قال الكوفيون : هذه الواو زائدة حتى تكون جواباً لقوله : { حَتَّىٰ إذا جَآءُوهَا } كما في سَوْق الكفار ، وهذا كما قال الله تعالى : { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَـٰرُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَآءً } [ الأنبياء : 48 ] ، [ أي ضياء ] ، والواو زائدة . وقيل : الواو واو الحال ، مجازه : وقد فتحت أبوابها ، فأدخل الواو لبيان أنها كانت مفتحة قبل مجيئهم ، وحذفها في الآية الأولى لبيان أنها كانت مغلقة قبل مجيئهم . فإذا لم تجعل الواو زائدة في قوله : " وفتحت " اختلفوا في جواب قوله : { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا } ، والواو فيه ملغاة تقديره : حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها . وقال الزجاج : القول عندي أن الجواب محذوف ، تقديره : { حَتَّىٰ إذا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَٰبُهَا . وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَـٰمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَـٰلِدِينَ } ، دخلوها فحذف " دخلوها " لدلالة الكلام عليه . { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَـٰمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ } ، يريد أن خزنة الجنة يسلمون عليهم ويقولون : طبتم . قال ابن عباس : طاب لكم المقام . قال قتادة : هم إذا قطعوا النار حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص بعضهم من بعض حتى إذا هُذِّبوا وطيّبوا أدخلوا الجنة ، فقال لهم رضوان وأصحابه : { سَلَـٰمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَـٰلِدِينَ } . وروي عن علي عليه السلام قال : سيقوا إلى الجنة فإذا انتهوا إليها وجدوا عند بابها شجرة يخرج من تحت ساقها عينان فيغتسل المؤمن من إحداهما فيطهر ظاهره ، ويشرب من الأخرى فيطهر باطنه ، وتلقيهم الملائكة على أبواب الجنة يقولون : { سَلَـٰمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَـٰلِدِينَ } .