Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 63-65)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } ، مِنَ النفاق ، أي : علم أنّ ما في قلوبهم خلاف ما في ألسنتِهم ، { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } ، أي : عن عُقوبتهم وقيل : فأعرض عن قبول عذرهم وعظهم باللسان ، وقل لهم قولاً بليغاً ، وقيل : هو التخويف بالله ، وقيل : أن توعدهم بالقتل إن لم يتوبوا ، قال الحسن : القول البليغ أن يقول لهم : إن أظهرتم ما في قلوبكم من النفاق قُتلتم لأنه يبلغ في نفوسهم كل مبلغ ، وقال الضحاك : { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ } في الملأ { وَقُل لَّهُمْ فِىۤ أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً } في السرّ والخلاء ، وقال : قيل هذا منسوخ بآية القتال . قوله عزّ وجلّ { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } ، أي : بأمر الله لأنَّ طاعة الرسول وجبت بأمر الله ، قال الزجاج : إلا ليطاع بإذن الله لأنّ الله قد أذن فيه وأمر به ، وقيل : إلاَّ ليُطاع كلام تام كاف ، بإذن الله تعالى أي : بعلم الله وقضائه ، أي : وقوعُ طاعته يكون بإذن الله ، { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ } ، بتحاكمهم إلى الطَّاغُوت { جَآءُوكَ فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً } . قوله تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ } ، الآية . أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهري أخبرني عروة بن الزبير : " أنَّ الزبير رضي الله عنه كان يحدِّث أنه خاصم رجلاً من الأنصار قد شهد بدراً إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم في شراج مِنَ الحرة كانا يسقيان به . كلاهما ، فقال رسول الله للزبير : « اسقِ يا زبير ، ثم أرسل إلى جارك » ، فغضب الأنصاري ، ثم قال : يا رسول الله أن كان ابن عمتك ؟ فتلوّن وجهُ رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، ثم قال للزبير : اسقِ ثم احبسِ الماءَ حتى يبلغ الجدر ، فاستوعى رسول الله صلّى الله عليه وسلم حينئذ للزبير حقَّه " ، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد به سعةً له وللأنصاري ، فلمّا أحْفَظَ الأنصاريُ رسولَ الله استوعى للزبير حقّه في صريح الحكم . قال عروة : قال الزبير : والله ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في ذلك { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ } الآية . ورُوي أن الأنصاري الذي خاصم الزبير كان اسمه حاطب بن أبي بلتعة فلما خَرَجَا مرَّ على المقداد فقال : لمن كان القضاء ، فقال الأنصاري : قضَى لابن عمته ولَوَى شدقيه ففطن له يهودي كان مع المقداد ، فقال : قاتل الله هؤلاء يشهدون أنه رسول الله ثم يتهمونه في قضاءٍ يقضي بينهم ، وايْمُ الله لقد أذنبنا ذنباً مرّة في حياة موسى عليه السلام فدعا موسى إلى التوبة منه ، فقال : اقتلوا أنفسكم ففعلنا فبلغ قتلانا سبعين ألفاً في طاعة ربنا حتى رضي عنّا ، فقال ثابت بن قيس بن شماس : أمَا والله إنّ الله ليعلم مني الصدقَ ولو أمرني محمد أن أقتل نفسي لفعلت ، فأنزل الله في شأن حاطب بن أبي بلتعة : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ } . وقال مجاهد والشعبي : نزلت في بِشْر المنافق واليهودي اللّذين اختصما إلى عمر رضي الله عنه . قوله تعالى { فَلاَ } أي : ليس الأمر كما يزعمون أنهم مؤمنُون ثمّ لا يرضون بحكمك ، ثم استأنف القَسَم { وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } ويجوز أن يكون { لاَ } في قوله { فَلاَ } صلة ، كما في قوله { فَلاَ أُقْسِمُ } ، حتى يُحكِّمُوك : أي يجعلوك حكماً ، { فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ } ، أي : اختلف واختلط من أمورهم والْتَبَس عليهم حُكمه ، ومنه الشجر لالْتِفَافِ أغصانه بعضها ببعض ، { ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِىۤ أَنفُسِهِمْ حَرَجاً } ، قال مجاهد : شكّاً ، وقال غيره : ضِيقاً ، { مِّمَّا قَضَيْتَ } ، قال الضحاك : إثْماً ، أي : يأثمون بإنكارهم ما قضيت ، { وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } أي : وينقادوا لأمرك انقياداً .