Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 66-69)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا } أي : فرضنا وأوجبنا ، { عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } ، كما أمرنا بني إسرائيل { أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَـٰرِكُمْ } ، كما أمرنا بني إسرائيل بالخروج من مصر ، { مَّا فَعَلُوهُ } ، معناه : أنّا ما كتبنا عليهم إلاَّ طاعة الرسول والرضَى بحكمه ، ولو كتبْنَا عليهم القتلَ والخروجَ عن الدُّور ما كان يفعله ، { إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ } ، نزلت في ثابت بن قيس وهو من القليل الذي استثنى الله . قال الحسن ومقاتل لما نزلت هذه الآية قال عمر وعمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود وناس من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم وهم القليل ، والله لو أمرنا لفعلنا والحمد لله الذي عافانا ، فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلم فقال : " إنّ من أُمتي لرجالاً الإِيمانُ في قلوبهم أثبت من الجبال الرواسي " . قرأ ابن عامر وأهل الشام { إِلاَّ قَلِيلاً } بالنصب على الاستثناء ، وكذلك هو في مصحف أهل الشام ، وقيل : فيه إضمار ، تقديره : إلاَّ أن يكون قليلاً منهم ، وقرأ الآخرون قليل بالرفع على ضمير الفاعل في قوله { فَعَلُوهُ } تقديره : إلا نفر قليل فعلوه ، { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ } ، من طاعة الرسول والرضى بحكمه ، { لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً } ، تحقيقاً وتصديقاً لإِيمانهم . { وَإِذاً لآتَيْنَاهُمْ مِّن لَّدُنَّـآ أَجْراً عَظِيماً } ، ثواباً وَافِراً . { وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } ، أي : إلى الصراط المستقيم . قوله تعالى : { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّينَ } الآية . نزلتْ في ثوبان مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكان شديد الحب لرسول الله صلّى الله عليه وسلم قليل الصبر عنه ، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه يعرف الحزن في وجهه ، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم : « ما غيّر لونك » ؟ فقال : يا رسول الله ما بي مرض ولا وجع غير أني إن لم أرَكَ اسْتَوْحَشْتُ وحشةً شديدة حتى ألقاك ، ثم ذكرتُ الآخرة فأخاف أن لا أراك لأنّك تُرفع مع النبيين ، وأنّي إن دخلت الجنة كنتُ في منزلة أدنى من منزلتك ، وإن لم أدخل الجنة لا أراك أبداً ، فنزلت هذه الآية . وقال قتادة : قال بعض أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم : كيف يكون الحال في الجنة وأنتَ في الدرجات العُلَى ونحن أسفل منك ؟ فكيف نراك ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية . { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ } في أداء الفرائض ، { وَٱلرَّسُولِ } في السنن { فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّينَ } أي لا تفوتهم رؤية الأنبياء ومجالستهم لا أنهم يرفعون إلى درجة الأنبياء ، { وَٱلصِّدِّيقِينَ } ، وهم أفاضل أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم ، والصدّيق المبالغ في الصدق ، { وَٱلشُّهَدَآءِ } ، قيل : هم الذين استشهدوا في يوم أُحد ، وقيل : الذين استشهدوا في سبيل الله ، وقال عكرمة : النبيون ههنا : محمد صلّى الله عليه وسلم ، والصديقون أبو بكر ، والشهداء عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ، { وَٱلصَّـٰلِحِينَ } : سائر الصحابة رضي الله عنهم ، { وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقاً } ، يعني : رفقاء في الجنة ، والعرب تضع الواحد موضع الجمع ، كقوله تعالى : { ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } [ غافر : 67 ] أي : أطفالاً ( ويُولّون الدُّبر ) أي : الأدبار . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي أنا أبو العباس السراج أنا قتيبة بن سعيد أنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس : " أنّ رجلاً قال : يا رسول الله الرجل يحبُّ قوماً ولمَّا يلحق بهم ؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : « المرءُ معَ منْ أحبَّ » " . أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي وأبو عمرو محمد بن عبد الرحمن النسوي قالا : أخبرنا أحمد بن الحسن الحيري أنا أبو العباس السراج أنا أبو يحيى زكريا بن يحيى المروزي أنا سفيان بن عُيينة عن الزهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " قال رجل : يا رسول الله متى الساعة ؟ قال : « ومَا أعددت لها » ؟ قال : فلم يذكر كثيراً ، إلا أنه يحب الله ورسولَه قال : « فأنت مع من أحببت » " .