Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 87-88)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ } ، اللاّم ، لامُ القسم تقديره : والله ليجمعنّكم في الموت وفي القبور ، { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } وسُميت القيامةُ قيامةً لأنّ الناس يقومُون من قبورهم ، قال الله تعالى : { يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ سِرَاعاً } [ المعارج : 43 ] وقيل : لقيامهم إلى الحساب ، قال الله تعالى : { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ المطففين : 6 ] { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً } أي : قولاً ووَعْداً ، وقرأ حمزة والكسائي { أَصْدَق } ، وكلُّ صَادٍ سَاكنة بعدها دالٌ بإشمام الزاي . { فَمَا لَكُمْ فِي ٱلْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } اختلفوا في سبب نُزُولها فقال قوم : نزلت في الذين تخلّفُوا يوم أُحد من المنافقين ، فلمّا رجعُوا قال بعضُ الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلم : اقتلهم فإنّهم منافقون ، وقال بعضهم : اعف عنهم فإنهم تكلّموا بالإِسلام . أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا أبو الوليد أنا شعبة عن عدي بن ثابت قال : سمعت عبد الله بن يزيد يحدث عن زيد بن ثابت قال : " لمّا خرج النبي صلّى الله عليه وسلم إلى أُحد رجع ناسٌ ممن خرج معه وكان أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم فرقتين ، فرقة تقول نقاتلهم وفرقة تقول لا نقاتلهم ، فنزلت : { فَمَا لَكُمْ فِي ٱلْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوۤاْ } ، وقال : « إنها طَيْبةُ تَنفي الذنوبَ كما تنفي النّارُ خَبَثَ الفِضّة » " . وقال مجاهد : قوم خرجوا إلى المدينة وأسلموا ثم ارتدُّوا وأستأذنُوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتّجِرُون فيها فخرجوا وأقاموا بمكة ، فاختلف المسلمون فيهم ، فقائل يقول : هم منافقون ، وقائل يقول : هم مؤمنون . وقال بعضهم : نزلت في ناسٍ من قريش قَدِمُوا المدينة وأسلموا ثم نَدِمُوا على ذلك فخرجوا كهيئة المتنزهين حتى باعدوا من المدينة فكتُبوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم : إنّا على الذي فارقناك عليه من الإِيمان ولكنّا اجْتَوَيْنَا المدينة واشتقنا إلى أرضنا ، ثم إنهم خرجوا في تجارة لهم نحو الشام فبلغ ذلك المسلمين ، فقال بعضهم : نخرج إليهم فنقتلهم ونأخذ ما معهم لأنهم رغِبُوا عن ديننا ، وقالت طائفة : كيف تقتلون قوماً على دينكم إن لم يَذرُوا دِيَارَهم ، وكان هذا بعين النبي صلّى الله عليه وسلم وهو سَاكِتٌ لا ينهَى واحداً من الفريقين ، فنزلت هذه الآية . وقال بعضهم : هم قوم أسلموا بمكة ثم لم يهاجروا وكانوا يظاهرون المشركين ، فنزلت { فَمَا لَكُمْ } يا معشر المؤمنين { فِى ٱلْمُنَـٰفِقِينَ فِئَتَيْنِ } أي : صرتم فيهم فئتين ، أي : فرقتين ، { وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُمْ } أي : نكَّسَهم ورَدَّهم إلى الكفر ، { بِمَا كَسَبُوۤاْ } بأعمالهم غير الزاكية { أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ } ، أي : أنْ تُرشِدُوا { مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ } ، وقيل : معناه أتقولُون أنّ هؤلاء مهتدون وقد أضلّهم الله ، { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } أي : من يضلله الله عن الهدى ، { فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً } أي : طريقاً إلى الحق .