Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 36-46)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ } ، لوزيره : { يٰهَـٰمَـٰنُ ٱبْنِ لِى صَرْحَاً } ، والصرح : البناء الظاهر الذي لا يخفى على الناظر وإن بَعُد ، وأصله من التصريح وهو الإظهار ، { لَّعَـلِّىۤ أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ } ، يعني : طرقها وأبوابها من سماء إلى سماء ، { فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ } ، قراءة العامة برفع العين نسقاً على قوله : " أبلغُ الأسباب " ، وقرأ حفص عن عاصم بنصب العين وهي قراءة حميد الأعرج ، على جواب " لعل " بالفاء { وَإِنِّى لأَظُنُّه } ، يعني موسى { كَـٰذِباً } ، فيما يقول أن له رباً غيري ، { وَكَـذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } ، قرأ أهل الكوفة ويعقوب : " وصُدّ " بضم الصاد نسقاً على قوله : " زُيّن لفرعون " قال ابن عباس : صده الله عن سبيل الهدى . وقرأ الآخرون بالفتح أي : صَدّ فرعونُ الناس عن السبيل . { وَمَا كَـيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِى تَبَابٍ } ، يعني : وما كيده في إبطال آيات موسى إلا في خسار وهلاك . { وَقَالَ ٱلَّذِىۤ ءَامَنَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُونِ أَهْدِكُـمْ سَبِيـلَ ٱلرَّشَـادِ } ، طريق الهدى . { يـَٰقَوْمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا مَتَـٰعٌ } ، متعة تنتفعون بها مدة ثم تنقطع ، { وَإِنَّ ٱلأَخِرَةَ هِىَ دَارُ ٱلْقَـرَارِ } ، التي لا تزول . { مَنْ عَمِـلَ سَـيِّئَةً فَلاَ يُجْزَىٰ إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِـلَ صَـٰلِحاً مِّن ذكرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ } ، قال مقاتل : لا تبعة عليهم فيما يعطون في الجنة من الخير . { وَيٰقَوْمِ مَا لِىۤ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ٱلنَّجَوٰةِ } ، يعني : مالكم ، كما تقول العرب : مالي أراك حزيناً ؟ أي : مالك ؟ يقول : أخبروني عنكم ؟ كيف هذه الحال أدعوكم إلى النجاة من النار بالإيمان بالله ، { وَتَدْعُونَنِىۤ إِلَى ٱلنَّارِ } ؟ إلى الشرك الذي يوجب النار ، ثم فسر فقال : { تَدْعُونَنِى لأَكْـفُرَ بِٱللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِى بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى ٱلْعَزيزِ ٱلْغَفَّارِ } ، في انتقامه ممن كفر ، الغفار لذنوب أهل التوحيد . { لاَ جَرَمَ } ، حقاً ، { أَنَّمَا تَدْعُونَنِىۤ إِلَيْهِ } ، أي : إلى الوثن ، { لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِى ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِى ٱلأَخِرَةِ } ، قال السدي : لا يستجيب لأحد في الدنيا ولا في الآخرة ، يعني ليست له استجابة دعوة . وقيل : ليست له دعوة إلى عبادته في الدنيا لأن الأوثان لا تَدّعِي الربوبية ، ولا تدعو إلى عبادتها ، وفي الآخرة تتبرأ من عابديها . { وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللهِ } ، مرجعنا إلى الله فيجازي كلاً بما يستحقه ، { وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ } ، المشركين ، { هُمْ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ } . { فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ } ، إذا عاينتم العذاب حين لا ينفعكم الذكر ، { وَأُفَوِّضُ أَمْرِىۤ إِلَى ٱللهِ } ، وذلك أنهم توعدوه لمخالفته دينهم ، { إِنَّ ٱللهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } ، يعلم المحقّ من المبطل ، ثم خرج المؤمن من بينهم ، فطلبوه فلم يقدروا عليه . وذلك قوله عزّ وجلّ : { فَوقَاهُ ٱللهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ } ، ما أرادوا به من الشر ، قال قتادة : نجا مع موسى وكان قبطياً ، { وَحَاقَ } ، نزل ، { بِـآلِ فِرْعَوْنَ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ } ، الغرق في الدنيا ، والنار في الآخرة . وذلك قوله : { ٱلنَّارُ } ، هي رفع على البدل من السوء ، { يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً } ، صباحاً ومساءً ، قال ابن مسعود : أرواح آل فرعون في أجواف طيور سود يعرضون على النار كل يوم مرتين ، تغدو وتروح إلى النار ، ويقال : يا آل فرعون هذه منازلكم حتى تقوم الساعة . وقال قتادة : ومقاتل ، والسدي ، والكلبي : تعرض روح كل كافر على النار بكرة وعشياً ما دامت الدنيا . أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أحدكم إذا مات عُرض عليه مقعدُه بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، فيقالُ له : هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة " . ثم أخبر الله تعالى عن مستقرهم يوم القيامة فقال : { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ } ، قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وأبو بكر : " الساعةُ " ، " ادخلوا " ، بحذف الألف والوصل ، وبضمها في الابتداء ، وضم الخاء من الدخول ، أي : يقال لهم : ادخلوا يا { ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ } ، وقرأ الآخرون " أَدْخِلوا " بقطع الألف وكسر الخاء من الإدخال ، أي : يقال للملائكة : أدخلوا آل فرعون أشد العذاب . قال ابن عباس : يريد ألوان العذاب غير الذي كانوا يعذبون به منذ أُغرقوا .