Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 22-35)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بَلْ قَالُوۤاْ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ } ، على دين وملة ، قال مجاهد : على إمام . { وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَـٰرِهِم مُّهْتَدُونَ } ، جعلوا أنفسهم باتباع آبائهم مهتدين . { وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِى قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ } ، أغنياؤها ورؤساؤها ، { إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَـٰرِهِم مُّقْتَدُونَ } ، بهم . { قُلْ } ، قرأ ابن عامر وحفص : " قال " على الخبر ، وقرأ الآخرون " قل " على الأمر ، { أَوَلَوْ جئْتُكُم } ، قرأ أبو جعفر : " جئناكم " على الجمع ، والآخرون " جئتكم " على الواحد ، { بِأَهْدَىٰ } ، بدين أصوب ، { مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ ءَابَآءَكُمْ } ، قال الزجاج : قل لهم يا محمد أتتبعون ما وجدتم عليه آباءكم وإن جئتكم بأهدى منه ؟ فأبوا أن يقبلوا , و { قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَـٰفِرُونَ } . { فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ } . قوله عزّ وجلّ : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِى بَرَآءٌ } ، أي بريء ، ولا يثنى " البراء " ولا يجمع ولا يُؤنث لأنه مصدر وضع موضع النعت . { مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱلَّذِى فَطَرَنِى } ، خلقني { فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } يرشدني لدينه . { وَجَعَلَهَا } ، يعني هذه الكلمة ، { كَلِمَةً بَـٰقِيَةً فِى عَقِبِهِ } ، قال مجاهد وقتادة : يعني كلمة التوحيد ، وهي " لا إله إلا الله " كلمة باقية في عقبه في ذريته . قال قتادة : لا يزال في ذريته من يعبد الله ويوحده . وقال القرظي : يعني : وجعل وصية إبراهيم التي أوصى بها بنيه باقية في نسله وذريته ، وهو قوله عزّ وجلّ : { وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَٰهِيمُ بَنِيهِ } [ البقرة : 132 ] . وقال ابن زيد : يعني قوله : { أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } [ البقرة : 131 ] ، وقرأ : { هُوَ سَمَّـٰكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ } [ الحج : 78 ] . { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } ، لعل أهل مكة يتبعون هذا الدين ويرجعون عما هم عليه إلى دين إبراهيم ، وقال السدي : لعلهم يتوبون ويرجعون إلى طاعة الله عزّ وجلّ . { بَلْ مَتَّعْتُ هَـٰؤُلاَءِ وَءَابَآءَهُمْ } ، يعني : المشركين في الدنيا ، ولم أعاجلهم بالعقوبة على الكفر ، { حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ } ، يعني القرآن ، وقال الضحاك : الإسلام . { وَرَسُولٌ مُّبِينٌ } ، يبين لهم الأحكام وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، وكان من حق هذا الإنعام أن يطيعوه ، فلم يفعلوا ، وعصوا . وهو قوله عز وجل : { وَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ } ، يعني القرآن ، { قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَـٰفِرُونَ * وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءَانُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } ، يعنون الوليد بن المغيرة من مكة ، وعروة بن مسعود الثقفي بالطائف ، قاله قتادة . وقال مجاهد : عتبة بن ربيعة من مكة ، وابن عبد ياليل الثقفي من الطائف . وقيل : الوليد بن المغيرة من مكة ، ومن الطائف : حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي . ويُروى هذا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما . قال الله تعالى : { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ } ، يعني النبوة ، قال مقاتل : يقول : بأيديهم مفاتيح الرسالة فيضعونها حيث شاؤوا ؟ ثم قال : { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } ، فجعلنا هذا غنياً وهذا فقيراً وهذا مالكاً وهذا مملوكاً ، فكما فضلنا بعضهم على بعض في الرزق كما شئنا ، كذلك اصطفينا بالرسالة من شئنا . { وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَـٰتٍ } ، بالغنى والمال ، { لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً } ، ليستخدم بعضهم بعضاً فيسخر الأغنياء بأموالهم الأجراء الفقراء بالعمل ، فيكون بعضهم لبعض سبب المعاش ، هذا بماله ، وهذا بأعماله ، فيلتئم قِوامُ أمر العالم . وقال قتادة والضحاك : يملك بعضهم بمالهم بعضاً بالعبودية والملك . { وَرَحْمَتُ ربِّكَ } ، [ يعني الجنة ] ، { خَيْرٌ } ، للمؤمنين ، { مِّمَّا يَجْمَعُونَ } ، مما يجمع الكفار من الأموال . { وَلَوْلآ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَٰحِدَةً } ، أي : لولا أن يصيروا كلهم كفاراً فيجتمعون على الكفر ، { لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ } ، قرأ ابن كثير ، وأبو جعفر ، وأبو عمرو : " سَقْفاً " بفتح السين وسكون القاف على الواحد ، ومعناه الجمع ، كقوله تعالى : { فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ } [ النحل : 26 ] ، وقرأ الباقون بضم السين والقاف على الجمع ، وهي جمع " سقف " مثل رُهُن ورَهْن ، قال أبو عبيدة : ولا ثالث لهما . وقيل : هو جمع سقيف . وقيل : جمع سقوف جمع الجمع . { وَمَعَارِجَ } ، مصاعد ودرجاً من فضة ، { عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } ، يعلون ويرتقون ، يقال : ظهرت على السطح إذا علوته . { وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَٰباً } ، من فضة ، { وَسُرُراً } أي : وجعلنا لهم سرراً من فضة ، { عَلَيْهَا يَتَّكئُون } . { وَزُخْرُفاً } ، أي وجعلنا مع ذلك لهم زخرفاً وهو الذهب ، نظيره : { أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ } [ الإسراء : 93 ] ، { وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَـٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } ، قرأ حمزة وعاصم " لما " بالتشديد على معنى : وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا ، فكان : " لما " بمعنى إلاّ ، وخففه الآخرون على معنى : وكل ذلك متاع الحياة الدنيا ، فيكون : " إن " للابتداء ، و " ما " صلة ، يريد : إن هذا كله متاع الحياة الدنيا يزول ويذهب ، { وَٱلأَخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ } ، خاصة يعني الجنة . أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أخبرنا أبو العباس عبد الله بن محمد بن هارون الطيسفوني ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد الترابي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام ، أخبرنا أحمد بن سيَّار القرشي ، حدثنا عبد الرحمن بن يونس أبو مسلم ، حدثنا أبو بكر بن منظور ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها قطرة ماء " . أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا محمد بن إبراهيم بن عبد الله الخلال ، أخبرنا عبد الله ابن المبارك ، عن مجالد بن سعيد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن المستورد بن شداد أخي بني فهر قال : كنت في الركب الذين وقفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السخلة الميتة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أترون هذه هانت على أهلها حتى ألقوها ؟ قالوا " : من هوانِها ألقوها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فالدنيا أهون على الله من هذه على أهلها " .