Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 5-14)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكْرَ صَفْحاً } ، يقال : ضربت عنه وأضربت عنه إذا تركته وأمسكت عنه و " الصفح " مصدر قولهم صفحت عنه إذا أعرضت عنه ، وذلك بأن تُوليه صفحة وجهك وعنقك ، والمراد بالذكر القرآن ، ومعناه : أفنترك عنكم الوحي ونمسك عن إنزال القرآن فلا نأمركم ولا ننهاكم من أجل أنكم أسرفتم في كفركم وتركتم الإيمان ؟ استفهام بمعنى الإنكار ، أي : لا نفعل ذلك ، وهذا قول قتادة وجماعة . قال قتادة : والله لو كان هذا القرآن رُفع حين رده أوائل هذه الأمة لهلكوا ، ولكن الله عاد عليهم بعائدته ورحمته ، فكرره عليهم عشرين سنة أو ما شاء الله . وقيل : معناه أفنضرب عنكم بذكيرنا إيّاكم صافحين معرضين . قال الكسائي : أفنطوي عنكم الذكر طياً فلا تُدْعَوْن ولا توعَظون . وقال الكلبي : أفنترككم سُدىً لا نأمركم ولا ننهاكم . وقال مجاهد والسدي : أفنعرض عنكم ونترككم فلا نعاقبكم على كفركم . { أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ } ، قرأ أهل المدينة وحمزة والكسائي : " إن كنتم " بكسر الهمزة ، { أَن كُنتُمْ قَوْماً مسرفين } على معنى : إذ كنتم ، كقوله : { وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [ آل عمران : 139 ] ، وقرأ الآخرون بالفتح ، على معنى : لأن كنتم قوماً مسرفين مشركين . { وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِى ٱلأَوَّلِينَ * وَمَا يَأْتِيهِم } , أي وما كان يأتيهم ، { مِّنْ نَّبِىٍّ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } ، كاستهزاء قومك بك ، يعزِّي نبيه صلى الله عليه وسلم . { فَأَهْلَكْنَآ أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً } ، أي أقوى من قومك ، يعني الأولين الذين أُهلكوا بتكذيب الرسل ، { وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلأَوَّلِينَ } ، أي صفتهم وسنتهم وعقوبتهم ، فعاقبة هؤلاء كذلك في الإهلاك . { وَلَئِن سَأَلْتَهُم } ، أي سألت قومك ، { مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلْعَزِيزُ ٱلْعَلِيمُ } ، أقروا بأن الله خالقها ، وأقروا بعزه وعلمه ثم عبدوا غيره وأنكروا قدرته على البعث لفرط جهلهم . إلى هاهنا تم الإخبار عنهم ، ثم ابتدأ دالاًّ على نفسه بصنعه فقال : { ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } . إلى مقاصدكم في أسفاركم . { وَٱلَّذِى نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ } ، أي بقدر حاجتكم إليه لا كما أنزل على قوم نوح بغير قدر حتى أهلكهم . { فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ } ، أي كما أحيينا هذه البلدة الميتة بالمطر كذلك ، { تُخْرَجُونَ } ، من قبوركم أحياء . { وَٱلَّذِى خَلَقَ ٱلأَزْوَٰجَ } ، أي الأصناف { كُلَّهَا } : { وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلْفُلْكِ وَٱلأَنْعَـٰمِ مَا تَرْكَبُونَ } ، في البر والبحر . { لِتَسْتَوُواْ عَلَىٰ ظُهُورِهِ } , ذكَّر الكناية لأنه ردها إلى " ما " . { ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا ٱسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ } , بتسخير المراكب في البر والبحر , { وَتَقُولُواْ سُبْحَـٰنَ ٱلَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا } , ذلل لنا هذا { وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } , مطيقين , وقيل : ضابطين . { وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ } , لمنصرفون في المعاد . أخبرنا أحمد بن عبدالله الصالحي ، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن أبي إسحاق ، أخبرني علي بن ربيعة أنه شهد علياً رضى الله عنه حين ركب فلما وضع رجله في الركاب قال : بسم الله ، فلما استوى قال : الحمد لله ، ثم قال : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنّا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ، ثم حمد ثلاثاً وكبر ثلاثاً ، ثم قال : لا إله إلا الله ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، ثم ضحك ، فقال : ما يضحكك يا أمير المؤمنين ؟ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ما فعلت ، وقال مثل ما قلت ، ثم ضحك ، فقلنا : ما يضحكك يا نبي الله ؟ قال : " العبد " ، أو قال : " عجبت للعبد إذا قال لا إله إلا الله ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، يعلم أنه لا يغفر الذنوب إلا هو " .