Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 44, Ayat: 33-37)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَءَاتَيْنَـٰهُم مِّنَ ٱلأَيَـٰتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُّبِينٌ } ، قال قتادة : نعمة بينة من فلق البحر ، وتظليل الغمام ، وإنزال المن والسلوى ، والنعم التي أنعمها عليهم . وقال ابن زيد : ابتلاهم بالرخاء والشدة ، وقرأ : { وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً } [ الأنبياء : 35 ] . { إِنَّ هَـٰؤُلآءِ } ، يعني مشركي مكة { لَيَقُولُونَ إِنْ هِىَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأُولَى } ، أي لا موتة إلا هذه التي نموتها في الدنيا ، ثم لا بعث بعدها ، وهو قوله : { وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ } ، بمبعوثين بعد موتتنا . { فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ، [ الذين ماتوا ] ، { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } ، أنا نبعث أحياءً بعد الموت ، ثم خوّفهم مثل عذاب الأمم الخالية فقال : { أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ } ، أي ليسوا خيراً منهم ، يعني أقوى وأشد وأكثر من قوم تبع . قال قتادة : هو تُبَّع الحميري ، وكان سارَ بالجيوش حتى حيّر الحيرة ، وبني سمرقند وكان من ملوك اليمن ، سُمي تبعاً لكثرة أتباعه ، وكل واحد منهم يسمى : " تبعاً " لأنه يتبع صاحبه ، وكان هذا يعبد النار فأسلم ودعا قومه إلى الإسلام وهم حِمْيَر ، فكذبوه . وكان من خبره ما ذكره محمد بن إسحاق وغيره . وذكر عكرمة عن ابن عباس قالوا : كان تُبّع الآخر وهو أسعد أبو كرب بن مُلَيك جاء بكرب حين أقبل من المشرق وجعل طريقه على المدينة ، وقد كان حين مرّ بها خلف بين أظهرهم ابناً له فقتل غيلة ، فَقَدِمَها وهو مُجمِعٌ لإِخرابها واستئصال أهلها ، فجمع له هذا الحي من الأنصار حين سمعوا ذلك من أمره ، فخرجوا لقتاله وكان الأنصار يقاتلونه بالنهار ويقرونه بالليل ، فأعجبه ذلك وقال : إن هؤلاء لكرام ، إذ جاءه حَبْرَان اسمهما : كعب وأسد من أحبار بني قريظة ، عالمان وكانا ابني عم ، حين سَمِعَا ما يُريد من إهلاك المدينة وأهلها ، فقالا له : أيها الملك لا تفعل فإنك إن أبيت إلا ما تريد حيل بينك وبينها ، ولم نأمن عليك عاجل العقوبة . فإنها مهاجَر نبي يخرج من هذا الحي من قريش اسمه محمد ، مولده مكة ، وهذه دار هجرته ومنزلك الذي أنت به يكون به من القتل والجراح أمر كبير في أصحابه ، وفي عدوهم . قال تبّع : من يقاتله وهو نبي ؟ قالا : يسير إليه قومه فيقتلون هاهنا ، فتناهى لقولهما عمّا كان يريد بالمدينة ، ثم إنهما دعواه إلى دينهما فأجابهما واتبعهما على دينهما وأكرمهما وانصرف عن المدينة ، وخرج بهما ونفر من اليهود عامدين إلى اليمن ، فأتاه في الطريق نفر من هذيل وقالوا : إنا ندلك على بيت فيه كنز من لؤلؤ وزبرجد وفضة ، قال : أيُّ بيت ؟ قالوا : بيت بمكة ، وإنما تريد هذيل هلاكه لأنهم عرفوا أنه لم يُرِدْهُ أحد قط بسوء إلا هلك ، فذكر ذلك للأحبار ، فقالوا : ما نعلم لله في الأرض بيتاً غير هذا البيت ، فاتخذه مسجداً وانسك عنده وانحر واحلق رأسك ، وما أراد القوم إلا هلاكك لأنه ما ناوأهم أحدٌ قط إلا هلك ، فأكرِمْهُ واصنع عنده ما يصنع أهله ، فلما قالوا له ذلك أخذ النفر من هذيل فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم ثم صلبهم ، فلما قدم مكة نزل الشعب شعب البطائح ، وكسا البيت الوصائل ، وهو أول من كسا البيت ، ونحر بالشعب ستة آلاف بدنة ، وأقام به ستة أيام وطاف به وحلق وانصرف . فلما دنا من اليمن ليدخلها حالت حمير بين ذلك وبينه ، قالوا : لا تدخل علينا وقد فارقت ديننا ، فدعاهم إلى دينه وقال إنه دين خير من دينكم ، قالوا : فحاكِمْنَا إلى النار . وكانت باليمن نار في أسفل جبل يتحاكمون إليها فيما يختلفون فيه ، فتأكل الظالم ولا تضر المظلوم ، فقال تبع : أنصفتم ، فخرج القوم بأوثانهم وما يتقربون به في دينهم وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما حتى قعدوا للنار عند مخرجها الذي تخرج منه ، فخرجت النار فأقبلت حتى غشيتهم ، فأكلت الأوثان وما قربوا معها ، ومن حمل ذلك من رجال حمير . وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما ، يتلوان التوراة تعرق جباههما لم تضرهما ، ونكصت النار حتى رجعت إلى مخرجها الذي خرجت منه فأصفقت عند ذلك حمير على دينهما ، فمن هنالك كان أصل اليهودية في اليمن . وذكر أبو حاتم عن الرقاشي قال : كان أبو كرب أسعد الحميري من التبابعة ، آمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث بسبعمائة سنة . وذكر لنا أن كعباً كان يقول : ذم الله قومه ولم يذمه . وكانت عائشة تقول : لا تسبوا تبعاً فإنه كان رجلاً صالحاً . وقال سعيد بن جبير : هو الذي كسا البيت . أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه الدينوري ، حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا أبو زرعة بن عمرو بن جرير عن سهل بن سعد قال : سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تسبوا تُبّعاً فإنه كان قد أسلم " . أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني ابن فنجويه ، حدثنا ابن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن علي بن سالم الهمداني ، حدثنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر النيسابوري ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أدري تبع نبياً كان أو غير نبي " { وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } ، من الأمم الكافرة ، { أَهْلَكْنَـٰهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } .