Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 45, Ayat: 23-24)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَفَرَءَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } ، قال ابن عباس والحسن وقتادة : ذلك الكافر اتخذ دينه ما يهواه ، فلا يهوَى شيئاً إلا ركبه لأنه لا يؤمن بالله ولا يخافه ، ولا يحرم ما حرم الله . وقال آخرون : معناه اتخذ معبوده هواه فيعبد ما تهواه نفسه . قال سعيد بن جبير : كانت العرب يعبدون الحجارة والذهب والفضة ، فإذا وجدوا شيئاً أحسن من الأول رموه أو كسروه ، وعبدوا الآخر . قال الشعبي : إنما سُمي الهوى لأنه يَهوي بصاحبه في النار . { وَأَضَلَّهُ ٱللهُ عَلَىٰ علمٍ } ، منه بعاقبة أمره ، وقيل على ما سبق في علمه أنه ضال قبل أن يخلقه ، { وَخَتَمَ } ، طبع ، { عَلَىٰ سَمعِهِ } فلم يسمع الهدى ، { وَقَلْبِهِ } ، فلم يعقل الهدى ، { وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَـٰوَةً } ، قرأ حمزة والكسائي " غَشْوة " بفتح الغين وسكون الشين ، والباقون " غشاوة " ظلمة فهو لا يبصر الهدى ، { فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ ٱللهِ } ، أي فمن يهديه بعد أن أضله الله ، { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } . { وَقَالُواْ } ، يعني منكري البعث ، { مَا هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا } ، أي ما الحياة إلاّ حياتنا الدنيا ، { نَمُوتُ وَنَحْيَا } ، أي يموت الآباء ويحيا الأبناء ، وقال الزجاج : يعني نموت ونحيا ، فالواو للاجتماع ، { وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرُ } ، أي وما يفنينا إلاَّ مرُّ الزمان وطول العمر واختلاف الليل والنهار . { وَمَا لَهُم بِذَلِكَ } ، الذي قالوه ، { مِنْ عِلْمٍ } ، أي لم يقولوه عن علم علموه ، { إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ } . أخبرنا أبو علي حسان بن سعيد المنيعي ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد محمش الزيادي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، حدثنا أبو الحسن أحمد بن يوسف السلمي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن همام بن منبه ، حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله تعالى : لا يقل ابن آدم يا خيبة الدهر ، فإني أنا الدهر ، أرسل الليل والنهار ، فإذا شئت قبضتهما " . أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري ، حدثنا جدي عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز ، أخبرنا محمد بن زكريا العذافري ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الديري ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن أيوب عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهرُ ، ولا يقولن للعنب الكرم ، فإن الكرم هو الرجل المسلم " . ومعنى الحديث : أن العرب كان من شأنهم ذم الدهر ، وسبُّه عند النوازل ، لأنهم كانوا ينسبون إليه ما يصيبهم من المصائب والمكاره ، فيقولون : أصابتهم قوارع الدهر ، وأبادهم الدهر . كما أخبر الله تعالى عنهم : { وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرَُ } فإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد سبو فاعلها ، فكان مرجع سبهم إلى الله عزّ وجلّ ، إذْ هو الفاعل في الحقيقة للأمور التي يضيفونها إلى الدهر ، فنُهوا عن سبّ الدهر .