Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 8-22)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَسْمَعُ ءَايَـٰتِ ٱللهِ تُتْلَىٰ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَإِذَا عَلِمَ مِنْ ءَايَـٰتِنَا } ، قال مقاتل : من القرآن ، { شَيْئاً ٱتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } ، وذكر بلفظ الجمع ردّاً إلى " كل " في قوله : { لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } . { مِّن وَرَآئِهِمْ } ، أمامهم ، { جَهَنَّمُ } ، يعني أنهم في الدنيا ممتعون بأموالهم ولهم في الآخرة النار يدخلونها ، { وَلاَ يُغْنِى عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ } ، من الأموال ، { شَيْئاً وَلاَ مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللهِ أَوْلِيَآءَ } ، ولا ما عبدوا من دون الله من الآلهة ، { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } . { هَذَا } ، يعني هذا القرآن ، { هُدًى } ، بيان من الضلالة ، { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـئَايَـٰتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ } . { ٱللهُ ٱلَّذِى سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ لِتَجْرِىَ ٱلْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلأَرْضِ } ، ومعنى تسخيرها أنه خلقها لمنافعنا فهو مسخر لنا من حيث إنا ننتفع به ، { جَمِيعاً مِّنْهُ } ، فلا تجعلوا لله أنداداً ، قال ابن عباس : " جميعاً منه " كل ذلك رحمة منه . قال الزجاج : كل ذلك تفضل منه وإحسان . { إِنَّ فِى ذَلِكَ لأَيَـٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } . { قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللهِ } ، أي لا يخافون وقائع الله ولا يبالون نقمته . قال ابن عباس ومقاتل : نزلت في عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، وذلك أن رجلاً من بني غفار شتمه بمكة فهمَّ عمر - رضي الله تعالى عنه - أن يبطش به ، فأنزل الله هذه الآية ، وأمره أن يعفو عنه . وقال القرظي والسدي : نزلت في أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل مكة كانوا في أذىً شديد من المشركين ، من قبل أن يؤمروا بالقتال ، فشكَوْا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله هذه الآية ثم نسختها آية القتال . { لِيَجْزِىَ قَوْماً } ، قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي " لنجزي " بالنون ، وقرأ الآخرون بالياء ، أي ليجزي الله ، وقرأ أبو جعفر " ليُجزي " بضم الياء الأولى وسكون الثانية وفتح الزاي ، قال أبو عمرو : وهو لحن . قال الكسائي : معناه ليجزي الجزاء قوماً ، { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } . { مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ * وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا بَنِىۤ إِسْرَٰءِيلَ ٱلْكِتَـٰبَ } , التوراة ، { وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَـٰهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَـٰتِ } , الحلالات ، يعني المنَّ والسلوى ، { وَفَضَّلْنَـٰهُمْ عَلَى ٱلْعَـٰلَمينَ } ، أي عالمي زمانهم ، قال ابن عباس : لم يكن أحد من العالمين في زمانهم أكرم على الله ولا أحب إليه منهم . { وَءاتَيْنَـٰهُم بَيِّنَـٰتٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ } ، يعني العلم بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم وما بيّن لهم من أمره ، { فَمَا ٱخْتَلَفُوۤاْ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بِيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } . { ثُمَّ جَعَلْنَـٰكَ } ، يا محمد { عَلَىٰ شريعةٍ } ، سنة وطريقة بعد موسى ، { مِّنَ ٱلأَمْرِ } ، من الدين ، { فَٱتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } ، يعني مراد الكافرين ، وذلك أنهم كانوا يقولون له : ارجع إلى دين آبائك ، فإنهم كانوا أفضل منك . فقال جلّ ذكره : { إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ ٱللهِ شَيْئاً } ، لن يدفعوا عنك من عذاب الله شيئاً إن اتبعت أهواءهم ، { وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَٱللهُ وَلِىُّ ٱلْمُتَّقِينَ } . { هَـٰذَا } ، يعني القرآن ، { بَصَائِرُ لِلنَّاسِ } ، معالم للناس ، في الحدود والأحكام يبصرون بها ، { وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } . { أَمْ حَسِبَ } ، بل حسب ، { ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَـٰتِ } ، اكتسبوا المعاصي والكفر { أَن نَّجْعَلَهُمْ كَـٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } ، نزلت في نفر من مشركي مكة ، قالوا للمؤمنين : لئن كان ما تقولون حقاً لنفضلن عليكم في الآخرة كما فضلنا عليكم في الدنيا . { سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ } قرأ حمزة والكسائي وحفص ويعقوب : " سواء " بالنصب أي : نجعلهم سواء ، يعني أحسبوا أن حياة الكافرين { وَمَمَـٰتُهُمْ } كحياة المؤمنين وموتهم سواء كلا ، وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء والخبر أي محياهم ومماتهم سواء فالضمير فيهما يرجع إلى المؤمنين والكافرين جميعاً ، معناه : المؤمن مؤمن محياه ومماته أي في الدنيا والآخرة ، والكافر كافر في الدنيا والآخرة ، { سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } ، بئس ما يقضون ، قال مسروق : قال لي رجل من أهل مكة : هذا مقام أخيك تميم الداري ، لقد رأيته ذات ليلة حتى أصبح أو كاد أن يصبح يقرأ آيةً من كتاب الله يركع بها ويسجد ويبكي : { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَـٰتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَـٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } الآية . { وَخَلَقَ ٱللهُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } .