Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 23-28)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ } ، هود ، { إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللهِ } ، وهو يعلم متى يأتيكم العذاب { وَأُبَلِّغُكُم مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ } ، من الوحي ، { وَلَـٰكِنِّىۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ } . { فَلَمَّا رَأَوْهُ } ، يعني ما يُوعَدُون به من العذاب ، { عَارِضاً } ، سحاباً يعرض أي يبدو في ناحية من السماء ، ثم يطبق السماء ، { مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } ، فخرجت عليهم سحابة سوداء من وادٍ لهم يقال له " المغيث " ، وكانوا قد حبس عنهم المطر ، فلما رأوها استبشروا ، { قَالُواْ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا } ، يقول الله تعالى : { بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، فجعلت الريح تحمل الفسطاط وتحمل الظعينة حتى ترى كأنها جرادة . { تُدَمِّرُ كُلَّ شَىْءٍ } ، مرت به من رجال عاد وأموالها ، { بِأَمْرِ رَبِّهَا } ، فأول ما عرفوا أنها عذاب رأوا ما كان خارجاً من ديارهم من الرجال والمواشي تطير بهم الريح بين السماء والأرض ، فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فجاء الريح فقلعت أبوابهم وصرعتهم ، وأمر الله الريح فأمالت عليهم الرمال ، وكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيام ، لهم أنينٌ ، ثم أمر الله الريح فكشفت عنهم الرمال فاحتملتهم فرمت بهم في البحر . أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الأسفرايني ، أخبرنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الحافظ ، أخبرنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو بن الحارث ، أخبرنا النضر . حدثه عن سليمان بن يسار ، " عن عائشة أنها قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً حتى أرى منه بياض لهواته ، وكان إذا رأى غيماً أو ريحاً عُرف ذلك في وجهه ، فقلت : يا رسول الله إن النّاس إذا رأوا الغيم فرحوا ، رجاء أن يكون فيه المطر ، وإذا رأيتَه عُرف في وجهك الكراهية ، فقال : " يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب ، قد عذب قوم بالريح ، وقد رأى قوم العذاب فقالوا : { هَـٰذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا } ، الآية " . { فَأَصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَـٰكِنُهُمْ } ، قرأ عاصم ، وحمزة ، ويعقوب : " يُرى " ، بضم الياء " مساكنُهُم " برفع النون ، يعني : لا يرى شيء إلاّ مساكنهم ، وقرأ الآخرون بالتاء وفتحها ، " مساكنَهُم " نصبٌ يعني لا ترى أنت يا محمد إلاّ مساكنهم لأن السكان والأنعام بادت بالريح ، فلم يبق إلا هود ومن آمن معه . { كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } . { وَلَقَدْ مَكَّنَـٰهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّـٰكُمْ فِيهِ } , يعني فيما لم نمكنكم فيه من قوة الأبدان وطول العمر وكثرة المال . قال المبرد : " ما " في قوله " فيما " بمنزلة الذي ، و " إن " بمنزلة ما ، وتقديره : ولقد مكنّاهم في الذي ما مكنّاكم فيه . { وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَـٰراً وَأَفْئِدَةً فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلآ أَبْصَـٰرُهُمْ وَلآ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَىْءٍ إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِـئَايَـٰتِ ٱللهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } . { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم } ، يا أهل مكة ، { مِّنَ ٱلْقُرَىٰ } ، كحجر ثمود وأرض سدوم ونحوهما ، { وَصَرَّفْنَا ٱلأَيَـٰتِ } الحجج والبينات ، { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } ، عن كفرهم فلم يرجعوا ، فأهلكناهم يخوّف مشركي مكة . { فَلَوْلاَ } ، فهلا { نَصَرَهُمُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللهِ قُرْبَاناً ءَالِهَةً } ، يعني الأوثان ، اتخذوها آلهة يتقربون بها إلى الله عزّ وجلّ ، " القربان " : كل ما يتقرب به إلى الله عزّ وجلّ ، وجمعه : " قرابين " ، كالرهبان والرهابين . { بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ } ، قال مقاتل : بل ضلت الآلهة عنهم فلم تنفعهم عند نزول العذاب بهم ، { وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ } ، أي كذبهم الذي كانوا يقولون إنها تقربهم إلى الله عزّ وجلّ وتشفع لهم ، { وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } ، يكذبون أنها آلهة .