Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 6-9)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَـٰفِرِينَ } , جاحدين ، بيانه قوله : { تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } [ القصص : 63 ] . { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَـٰتُنَا بَيِّنَـٰتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } , يسمون القرآن سحراًً . { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } ، محمد من قِبَل نفسه ، فقال الله عزّ وجلّ : { قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِى مِنَ ٱللهِ شَيْئاً } ، لا تقدرون أن تردوا عني عذابه إن عذّبني على افترائي ، فكيف أفتري على الله من أجلكم ، { هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ } ، تخوضون فيه من التكذيب بالقرآن والقول فيه إنه سحر . { كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ } ، أن القرآن جاء من عنده ، { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } ، في تأخير العذاب عنكم ، قال الزجاج : هذا دعاء لهم إلى التوبة ، معناه : إن الله عزّ وجلّ غفور لمن تاب منكم رحيم به . { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ } ، أي بديعاً ، مثل نصف ونصيف ، وجمع البِدْع أبداع ، أي لست بأول مرسل ، قد بُعث قبلي كثير من الأنبياء ، فكيف تنكرون نبوتي . { وَمَآ أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ } ، اختلف العلماء في معنى هذه الآية : فقال بعضهم : معناه ما أدري ما يفعل بي ولا بكم يوم القيامة ، فلما نزلت هذه الآية فرح المشركون ، فقالوا : واللات والعزى ما أمْرُنا وأمر محمد عند الله إلا واحد ، وما له علينا من مزية وفضل ، ولولا أنه ابتدع ما يقوله من ذات نفسه لأخبره الذي بعثه بما يُفعل به ، فأنزل الله { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } [ الفتح : 2 ] ، فقالت الصحابة : هنيئاً لك يا نبي الله قد علمنا ما يُفعل بك ، فماذا يُفعل بنا ؟ فأنزل الله تعالى : { لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ جَنَّـٰتٍ } الآية ، [ الفتح : 5 ] ، وأنزل : { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ ٱللهِ فَضْلاً كِبِيراً } [ الأحزاب : 47 ] ، فبين الله تعالى ما يفعل به وبهم ، وهذا قول أنس وقتادة والحسن وعكرمة ، قالوا : إنما قال هذا قبل أن يخبر بغفران ذنبه وإنما أخبر بغفران ذنبه عام الحديبية ، فنسخ ذلك . أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن الزهري ، عن خارجة ابن زيد قال : " كانت أم العلاء الأنصارية تقول لما قدم المهاجرون المدينة : اقترعت الأنصار على سكنتهم ، قالت : فطار لنا عثمان بن مظعون في السكنى ، فمرض فمرَّضناه ، ثم توفي فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل فقلت : رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي قد أكرمك الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " وما يُدريك أن الله قد أكرمه " ؟ فقلت : لا والله لا أدري فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أما هو فقد أتاه اليقين من ربه وإني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا بكم " قالت : فوالله لا أزكي بعده أحداً أبداً ، قالت : ثم رأيت لعثمان بعد في النوم عيناً تجري فقصصتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " ذاك عمله " . وقالت جماعة : قوله { وَمَآ أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُم } في الدنيا ، أمّا في الآخرة فقد علم أنه في الجنة ، وأن من كذبه فهو في النار ، ثم اختلفوا فيه : قال ابن عباس رضي الله عنهما : لما اشتدّ البلاء بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم وهو بمكة أرضاً ذات سباخ ونخل رفعت له ، يهاجر إليها ، فقال له أصحابه : متى تهاجر إلى الأرض التي أُريتَ فسكت ، فأنزل الله تعالى هذه الآية { وَمَآ أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُم } ، أأترك في مكاني أم أخرج وإياكم إلى الأرض التي رفعت لي ؟ . وقال بعضهم { وَمَآ أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ } إلى ماذا يصير أمري وأمركم في الدنيا ، إما أن أخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلي ، أم أقتل كما قتل من قبلي الأنبياء ، وأنتم أيها المُصدِّقون لا أدري تخرجون معي أم تُتْركون ، أم ماذا يفعل بكم وأنتم أيها المكذبون ، أتُرموْن بالحجارة من السماء أم يُخْسَفُ بكم ، أم أي شيء يفعل بكم ، مما فعل بالأمم المكذبة ؟ . ثم أخبر الله عزّ وجلّ أنه يظهر دينه على الأديان ، فقال : { هُوَ ٱلَّذِىۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ } [ الصف : 9 ] ، وقال في أمته : { وَمَا كَانَ ٱللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [ الأنفال : 33 ] ، فأخبر الله ما يصنع به وبأمته ، هذا قول السدي . { إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَىَّ } ، أي ما أتبع إلا القرآن ، ولا أبتدع من عندي شيئاً ، { وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبينٌ } .