Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 18-20)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لَّقَدْ رَضِيَ ٱللهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ } ، بالحديبية على أن يناجزوا قريشاً ولا يفروا ، { تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ } ، وكانت سمرة , قال سعيد ابن المسيب : حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ، قال : فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها . وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرّ بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة ، فقال : أين كانت ؟ فجعل بعضهم يقول : هاهنا وبعضهم : هاهنا ، فلما كثر اختلافهم قال : سيروا ، قد ذهبت الشجرة . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان " قال عمرو : سمعت جابر بن عبد الله قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية : « أنتم خير أهل الأرض » " ، وكنا ألفاً وأربع مائة ، ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة . أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، عن مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمد بن حاتم ، حدثنا حجاج ، عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابراً يسأل : كم كانوا يوم الحديبية ؟ قال : كنّا أربع عشرة مائة فبايعناه ، وعمر آخذ بيده تحت الشجرة ، وهي سمرة ، فبايعناه غير جد بن قيس الأنصاري أختبأ تحت بطن بعيره . وروى سالم عن جابر قال : كنا خمس عشرة مائة . وقال عبد الله بن أبي أوفى : كان أصحاب الشجرة ألفاً وثلثمائة ، وكانت أسلم ثُمْنَ المهاجرين ، . وكان سبب هذه البيعة - على ما ذكره محمد بن إسحاق عن أهل العلم - " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خراش بن أبي أمية الخزاعي حين نزل الحديبية ، فبعثه إلى قريش بمكة وحمله على جمل له ، يقال له الثعلب ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له ، فعقروا به جمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرادوا قتله فمنعته الأحابيش ، فخلَّوا سبيله حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة ، فقال : يا رسول الله إني أخاف قريشاً على نفسي وليس بمكة من بني عدي بن كعب أحدٌ يمنعني ، وقد عرفت قريش عداوتي إيّاها وغلظتي عليها ، ولكن أدلك على رجل هو أعزّ بها منّي : عثمان بن عفان ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان ، فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لِحرب ، وإنما جاء زائراً لهذا البيت معظماً لحرمته ، فخرج عثمان إلى مكة ، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة ، أو قبل أن يدخلها ، فنزل عن دابته وحمله بين يديه ، ثم أردفه وأجاره حتى بلَّغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عظماء قريش لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنْ شئتَ أنْ تطوفَ بالبيت فطفْ به ، قال : ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاحتبسته قريش عندها ، فبلغ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن عثمان قد قتل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا نبرح حتى نناجز القوم » ، ودعا الناس إلى البيعة ، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة " . وكان الناس يقولون : بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت ، قال بكر بن الأشج : بايعوه على الموت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل على ما استطعتم . وقال جابر عبد الله ومعقل بن يسار : لم نبايعه على الموت ولكن بايعناه على أنْ لا نفر ، فكان أول من بايع بيعة الرضوان من بني أسد يقال له أبو سنان بن وهب ، ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضرها إلاّ جد بن قيس أخو بني سلمة ، قال جابر : لكأني أنظر إليه لاَصقاً بإبط ناقته مستتراً بها من الناس ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذي ذكر من أمر عثمان باطل . أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني الحسين بن محمد ابن فنجويه ، حدثنا علي بن أحمد بن نصرويه ، حدثنا أبو عمرَان موسى بن سهل بن عبد الحميد الجوني ، حدثنا محمد بن رمح ، حدثنا الليث بن سعد ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة " . قوله عزّ وجلّ : { فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ } ، من الصدق والوفاء ، { فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ } ، الطمأنينة والرضا ، { عَلَيْهِمْ وَأَثَـٰبَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً } ، يعني فتح خيبر . { وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا } ، من أموال يهود خيبر ، وكانت خيبر ذات عقار وأموال ، فاقتسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم ، { وَكَانَ ٱللهُ عَزِيزاً حَكِيماً } . { وَعَدَكُمُ ٱللهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا } ، وهي الفتوح التي تفتح لهم إلى يوم القيامة ، { فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ } ، يعني خيبر ، { وَكَفَّ أَيْدِىَ ٱلنَّاسِ عَنكُمْ } ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قصد خيبر وحاصر أهلها همّتْ قبائل من أسد وغطفان أن يُغيروا على عيال المسلمين وذراريهم بالمدينة ، فكفّ الله أيديهم بإلقاء الرعب في قلوبهم ، وقيل : كفّ أيديَ الناس عنكم يعني أهل مكة بالصلح ، { وَلِتَكُونَ } ، كفهم وسلامتكم ، { ءَايَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ } ، على صدقك ويعلموا أن الله هو المتولي حياطَتَهم وحراستهم في مشهدهم ومغيبهم ، { وَيَهْدِيَكُمْ صِرَٰطاً مُّسْتَقِيماً } ، يثبتكم على الإِسلام ويزيدكم بصيرة ويقيناً بصلح الحديبية ، وفتح خيبر وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من الحديبية أقام بالمدينة بقية ذي الحجة وبعض المحرم ثم خرج في بقية المحرم سنة سبع إلى خيبر . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن حميد ، عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان إذا غَزَا بِنَا قوماً لم يكن يغير بنَا حتى يصبح وينظر ، فإن سمع أذاناً كف عنهم ، وإن لم يسمع أذاناً أغار عليهم قال : فخرجنا إلى خيبر فانتهيا إليهم ليلاً فلما أصبح ولم يسمع أذاناً ركب وركبت خلف أبي طلحة وإن قدمي لتمسُّ قدم النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فخرجوا إلينا بمكاتلهم ومساحيهم ، فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : محمد - والله - محمد والخميس ، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الله أكبر ، الله أكبر خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذَرين " . أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، أخبرنا أبو علي الحنفيُّ عبيدُ الله بن عبد المجيد ، حدثنا عكرمة بن عمار ، حدثنا إِياس بن سلمة ، حدثني أبي قال : … خرجنا إلى خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال فجعل عمي عامر يرتجز بالقوم . @ تاللهِ لولا اللهُ ما اهتدينا ولا تصدّقنا ولا صلّينا ونحنُ عن فَضْلِكَ ما اسْتَغْنَيْنَا فثبّتِ الأقدامَ إن لاقينا وأنزلن سكينةً علينا @@ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذا ؟ فقال : أنا عامر ، غفر لك ربك ، قال : وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان يخصه إلا استشهد ، قال : فنادى عمر بن الخطاب وهو على جمل له : يا نبيَّ الله لولا متعتنا بعامر ، قال : فلما قدمنا خيبر خرج ملِكُهم مرحب يخطر بسيفه يقول : @ قد علمت خيبرُ أنّي مرحب شاكي السلاح بطلٌ مجرِّبُ إذا الحروب أقبلت تلهُّب @@ قال : وبرز له عمي عامر ، فقال : @ قد علمت خيبرُ أنّي عامرُ شاكي السلاح بطلٌ مغامِرُ @@ قال فاختلفا ضربتين ، فوقع سيف مرحب في ترس عامر وذهب عامر يسفل له ، فرجع سيفه على نفسه فقطع أكحله ، وكانت فيها نفسه . قال سلمة : فخرجت فإذا نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون : بَطَلَ عملُ عامر قَتلَ نفسَه ، قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي ، فقلت : يا رسول الله بَطلَ عملُ عامر قتل نفسه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " من قال ذلك " ؟ قلت : ناس من أصحابك ، قال : " كذب من قال ذلك ، بل له أجره مرتين " ، ثم أرسلني إلى علي رضي الله عنه - وهو أرمد - فقال : لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، قال : فأتيتُ علياً رضي الله عنه فجئت به أقوده وهو أرمد ، حتى أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فبصق في عينيه فبرأ ، وأعطاه الراية ، وخرج مرحب فقال : @ قد عَلِمَتْ خيبرُ أني مَرْحَبُ شاكي السلاحِ بطلٌ مجرّب إذا الحروب أقبلت تلهَّبُ @@ فقال علي رضي الله عنه : @ أنا الذي سَمّتني أُمّي حَيْدَرَهْ كليثِ غاباتٍ كريهِ المَنْظَرَهْ أُوْ فِيْهم بالصَّاع كَيْلَ السَّنْدَرَهْ @@ قال : فضرب رأس مرحب فقتله ، ثم كان الفتح على يديه . وروى حديث خيبر جماعة : سهل بن سعد ، وأنس ، وأبو هريرة ، يزيدون وينقّصون ، وفيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد أخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس ، فأخذ أبو بكر رضي الله عنه رَايةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم نهض فقاتل قتالاً شديداً ، ثم رجع فأخذها عمر رضي الله عنه فقاتل قتالاً شديداً ، هو أشد من القتال الأول ، ثم رجع ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : " « لأعطينَّ الراية غداً رجلاً يحبُّ الله ورسولَهُ ويحبه الله ورسولُه يفتح الله على يديه » ، فدعا عليَّ بن أبي طالب فأعطاه إياها وقال : امشِ ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك " ، فأتى مدينة خيبر ، فخرج مرحب ، صاحب الحصن ، وعليه مغفر وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه ، وهو يرتجز ، فبرز إليه علي فضربه فقدَّ الحجر والمغفر وفلق رأسه حتى أخذ السيف في الأضراس ، ثم خرج بعد مرحب أخوه ياسر ، يرتجز فخرج إليه الزبير بن العوام ، فقالت أمه صفية بنت عبد المطلب : أيقتل ابني يا رسول الله ؟ قال : بل ابنك يقتله إن شاء الله ، ثم التقيا فقتله الزبير ، ثم لم يزل رسول الله يفتح الحصون ، ويقتل المقاتلة ويسبي الذرية ، ويحوز الأموال . قال محمد بن إسحاق : وكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم ، وعنده قتل محمود بن سلمة ، ألقت عليه اليهود حجراً فقتله ، ثم فتح العموص ، حصن ابن أبي الحقيق ، فأصاب منه سبايا ، منهم صفية بنت حيي بن أخطب ، جاء بلال بها وبأخرى معها ، فمرّ بهما على قتلى من قتلى يهود ، فلما رأتهم التي مع صفية صاحت وصكت وجهها وحثت التراب على رأسها ، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أعزبوا عني هذه الشيطانة ، وأمر بصفية فحيزت خلفه ، وألقى عليها رداءه ، فعرف المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اصطفاها لنفسه ، وقال رسول الله لبلال ، لما رأى من تلك اليهودية ما رأى : أنزعت منك الرحمة يا بلال حيث تمرّ بامرأتين على قتلى رجالهما ، وكانت صفية قد رأت في المنام وهي عروس بكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق أن قمراً وقع في حجرها ، فعرضت رؤياها على زوجها ، فقال : ما هذا إلا أنك تتمنين مَلِكَ الحجاز محمداً ، فلطم وجهها لطمة اخضرت عينها منها ، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بها وبها أثر منهَا فسألها ما هو ؟ فأخبرته هذا الخبر ، وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزوجها كنانة بن الربيع ، وكان عنده كنز بني النضر فسأله ، فجحده أن يكون يعلم مكانه ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل من اليهود فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إني قَدْ رأيتُ كنانة يطوف بهذه الخربة كل غداة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنانة : أرأيت إن وجدناه عندك أنقتلك ؟ قال : نعم ؟ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخربة فحفرت ، فأخرج منها بعض كنزهم ، ثم سأله ما بقي فأبى أن يؤديه ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام فقال : عذبه حتى تستأصل ما عنده ، فكان الزبير يقدح بزند في صدره حتى أشرف على نفسه ، ثم دفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى محمد بن مسلمة فضرب عنقه بأخيه محمود بن مسلمة . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن علية ، حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر ، فصلينا عندها صلاة الغداة بغَلَس ، فركب نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وركب أبو طلحة ، وأنا رديف أبي طلحة ، فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمسّ فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم ، ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني لأنظر إلى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فلما دخل القرية قال : " الله أكبر خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذَرين " ، قالها ثلاثاً ، وخرج القوم إلى أعمالهم ، فقالوا : محمد . قال عبد العزيز ، وقال بعض أصحابنا : والخميس يعني : الجيش ، قال : فأصبناها عنوة ، فجمع السبي فجاء دحية فقال : يا نبي الله أعطني جارية من السبي ، قال : اذهب فخذ جارية فأخذ صفية بنت حيي ، فجاء رجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله أعطيتَ دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير ، لا تصلح إلاّ لك ، قال : ادعوه بها ، فجاء بها ، فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال : خذ جارية من السبي غيرها ، قال : فأعتقها النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجها ، فقال له ثابت : يا أبا حمزة ما أصدقها ؟ قال : نفسَها ، أعتقها وتزوجها ، حتى إذا كان بالطريق جهزتها له أم سليم ، فأهدتها له من الليل ، فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم عروساً ، فقال : من كان عنده شيء فليجيء به ، وبسط نطعاً فجعل الرجل يجيء بالتمر وجعل الآخر يجيء بالسمن ، قال : وأحسبه قد ذكر السويق ، قال : فحاسوا حيساً فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عبد الواحد الشيباني قال : سمعت ابن أبي أوفى يقول : أصابتنا مجاعة ليالي خيبر ، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحُمُر الأهلية فانتحرناها ، فلما غلت القدور نادَى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفئوا القدور ولا تطعموا من لحوم الحمر شيئاً ، قال عبد الله : فقلنا إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم لأنها لم تخمس . وقال آخرون : حرمها البتة ، وسألت سعيد بن جبير فقال : حرمها البتة . أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي ، أخبرنا خالد بن الحارث ، حدثنا شعبة ، عن هشام بن زيد ، عن أنس أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة ، فأكل منها ، فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألها عن ذلك ، فقالت : أردت لأقتلك ، قال : ما كان الله ليسلطك على ذلك ، أو قال عليّ : قال : قالوا ألاَ تقتلها ؟ قال : لا ، قال : فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال محمد بن إسماعيل : قال يونس ، عن الزهري قال عروة ، قالت عائشة : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه : " يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر ، فهذا أوانٌ وجدتُ انقطاع أبهري من ذلك السم " . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا محمد بن بشار ، أخبرنا حرمي ، أخبرنا شعبة قال أخبرني عمارة ، عن عكرمة ، عن عائشة قالت : لما فتحت خيبر قلنا : الآن نشبع من التمر . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا أحمد بن المقدام ، حدثنا فضيل بن سليمان ، حدثنا موسى بن عقبة ، أخبرني نافع ، عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على أهل خيبر أراد أن يخرج اليهود منها ، وكانت الأرض حين ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين ، فسأل اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتركهم على أن يكفوا العمل ولهم نصف التمر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نقرُّكم على ذلك ما شئنا . فأُقروا حتى أجلاهم عمر في إمارته إلى تيماء وأريحاء . قال محمد بن إسحاق : فلما سمع أهل فدك بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يسيرهم ويحقن لهم دماءهم ، ويخلوا له الأموال ، ففعل . ثم إن أهل خيبر سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم الأموال على النصف ، ففعل على أنا إذا شئنا أخرجناكم ، فصالحه أهل فدك على مثل ذلك ، فكانت خيبر للمسلمين وكانت فدك خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب . فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم شاة مصليَّة ، وقد سألت أيّ عضو من الشاة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقيل لها : الذراع ، فأكثرت فيها السم ، وسمّمت سائر الشاة ، ثم جاءت بها فلما وضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تناول الذراع فأخذها فلاك منها مضغة فلم يسغها ، ومعه بشر بن البراء بن معرور ، وقد أخذ منها كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأما بشر فأساغها ، وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفظها ، ثم قال : إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم ، ثم دعا بها فاعترفت ، فقال : ما حملك على ذلك ؟ قالت : بلغت من قومي ما لم يَخْفَ عليك ، فقلت : إن كان ملكاً استرحت منه ، وإن كان نبياً فسيخبر ، فتجاوز عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومات بشر ابن البراء من أكلته التي أكل . قال : ودخلت أم بشر بن البراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم تعوده في مرضه الذي توفي فيه ، فقال : " يا أم بشر ما زالت أكلة خيبر التي أكلت بخيبر مع ابنك تعاودني فهذا أوان انقطاع أبهري " وكان المسلمون يرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات شهيداً مع ما أكرمه الله من النبوة .