Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 107-108)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فأنزل الله عزّ وجلّ : { فَإنْ عُثِرَ } أي : اطلع على خيانتهما ، وأصل العثور : الوقوع على الشيء ، { عَلَىٰ أَنَّهُمَا } ، يعني : الوصيين { ٱسْتَحَقَّآ } ، استوجبا ، { إِثْماً } ، بخيانتهما وبأيمانهما الكاذبة ، { فَآخَرَانِ } ، من أولياء الميت ، { يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا } ، بمعني : مقام الوصيين ، { مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ } ، بضم التاء على المجهول ، هذا قراءة العامة ، يعني : الذين استحق ، { عَلَيْهِمُ } ، أي فيهم ولأجلهم الإثم وهم ورثة الميت استحق الحالفان بسببهم الإثم و ( على ) بمعنى في ؛ كما قال الله : { عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ } [ البقرة : 102 ] ، [ أي : في ملك سليمان ] ، وقرأ حفص ( استحق ) بفتح التاء والحاء ، وهي قراءة علي والحسن ، أي : حقّ ووجب عليهم الإثم ، يقال : حق واستحق بمعنى واحد ، { ٱلأَوْلَيَانِ } ، نعت للآخران ، أي : فآخران الأوليان ، وإنما جاز ذلك ، و { الأوليان } ، معرفة والآخران نكرة لأنه لمّا وصف الـ " آخران " ، فقال { من الذين } صار كالمعرفة و { الأوليان } تثنية الأوْلى ، والأولى هو الأقرب ، وقرأ حمزة وأبو بكر عن عاصم ويعقوب { الأولين } بالجمع فيكون بدلاً من الذين ، والمراد منهم أيضاً أولياء الميت . ومعنى الآية : إذا ظهرتْ خيانة الحالفين يقوم اثنان آخران من أقارب الميت ، { فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ لَشَهَـٰدَتُنَآ أَحَقُّ مِن شَهَـٰدَتِهِمَا } ، يعني : يميننا أحق من يمينهما ، نظيره قوله تعالى في اللعان : { فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَـٰدَاتٍ بِٱللَّهِ } [ النور : 6 ] ، والمراد بها الأيمان ، فهو كقول القائل : أشهد بالله ، أي : أُقسم بالله ، { وَمَا ٱعْتَدَيْنَآ } , في أيماننا ، وقولنا إنّ شهادتنا أحقّ من شهادتهما ، { إِنَّآ إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } . فلما نزلت هذه الآية قام عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة السهميان ، فحلفا بالله بعد العصر فدفع الإناء إليهما وإلى أولياء الميت ، فكان تميم الداري بعدما أسلم يقول : صدق الله ورسوله أنا أخذت الإناء ، فأتوب إلى الله وأستغفره . وإنما انتقل اليمين إلى الأولياء لأن الوصيين ادعيا أنهما ابتاعاه . والوصي إذا أخذ شيئاً من مال الميت وقال : إنه أوصى لي به حلف الوارث ، إذا أنكر ذلك ، وكذلك لو ادّعى رجل سلعة في يد رجل فاعترف ثم ادّعى أنه اشتراها من المدعي ، حلف المدعي أنه لم يبعها منه . ويُروى عن ابن عباس رضي الله عنهما عن تميم الداري قال : كنّا بعنا الإناء بألف درهم فقسمتها أنا وعديّ ، فلما أسلمت تأثمت فأتيت موالي الميت فأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها فأتوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلف عمرو والمطلب فنزعت الخمسمائة من عدي ، ورددتُ أنا الخمسمائة . فذلك قوله تعالى : { ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يَأْتُواْ بِٱلشَّهَـٰدَةِ عَلَىٰ وَجْهِهَآ } ، أي : ذلك الذي حكمنا به من ردّ اليمين أجدر وأحرى أن يأتي الوصيان بالشهادة على وجهها وسائر الناس أمثالهم ، أي : أقرب إلى الإتيان بالشهادة على ما كانت ، { أَوْ يَخَـٰفُوۤاْ أَن تُرَدَّ أَيْمَـٰنٌ بَعْدَ أَيْمَـٰنِهِمْ } ، أي : أقرب إلى أن يخافوا رد اليمين بعد يمينهم على [ المدعي ] فيحلفوا على خيانتهم وكذبهم فيفتضحوا ويغرموا ، فلا يحلفون كاذبين إذا خافوا هذا الحكم ، { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ، أن تحلفوا أيماناً كاذبة أو تخونوا الأمانة ، { وَٱسْمَعُواْ } ، الموعظة ، { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ } .